وكذلك قوله عز وجل ونحن أقرب إليه من حبل الوريد فقد بين ما أراد بذلك فقال ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به بنفسه ثم قال ونحن أقرب إليه من حبل الوريد أي بعلمه فتكون الإحاطة بالعلم أقرب من عرق قلبه المتصل بقلبه فإن أبوا إلا ظاهر التلاوة فإن ما قرب من الشيء ليس هو في الشيء وأقرب ما يكون منه أن يلازمه ولم يقل عز وجل إني فيكم ولا إني في حبل الوريد ولا أني أقرب فيكم من حبل الوريد لأنه لو كان في حبل الوريد صار حبل الوريد أقرب إلينا لأن ما كان فيه شيء فقد ١٠٣ حواه وآخر حواه وهو دونه كالرجل يكون في بيت دار فجدار البيت أقرب إلى الدار ممن هو في البيت ولو كان ذلك كذلك لكان آخر حبل الوريد أقرب إلى قلوبنا منه ومحال أن يكون ما في الوريد أقرب إلى الجسم من حبل الوريد وإنما يكون أقرب إلى الجسم من حبل الوريد إذا لم يكن في حبل الوريد وكان خارجا
منه أو كان بعضه في حبل الوريد وبعضه خارجا منه إلى الجسم فذلك التبعيض ففي ظاهر التلاوة على دعواهم ما يدل أنه ليس في حبل الوريد كله وإنما يدل على أنه إما خارج منه أو بعضه خارج منه وكذلك قوله في السماء إله وفي الأرض إله فلم يقل في السماء ثم قطع كما قال أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فقال في السماء إله فأخبر أنه إله أهل السماء وإله أهل الأرض
وذلك موجود في اللغة إذ يقول القائل من بخراسان فيقال ابن طاهر وإنما هو في موضع فجايز أن يقال ابن طاهر أمير في خراسان فيكون أميرا في بلخ وسمرقند وكل مدنها هذا وإنما هو في موضع واحد يخفى عليه ما وراء بيته ولو كان على ظاهر اللفظ وفي معنى الكون ما جاز أن يقال أمير في البلد


الصفحة التالية
Icon