ولكنه أمر بأمر وحكم بحكم وهو يريد أن يوجه إلى وقت ويريد أن يأمر بتركه بعد ذلك الوقت لم يزل مريدا للفعل الأول إلى الوقت الذي أراد نسخه وإيجاد بدله إلا من المأمور به والحكم به وكلاهما لم يزل يريدهما ولم يبدله في الثاني ببدو ولا بنسخ أمره ولكنه ينسخ المأمور به بمأمور به آخر وكلامها وقع التبديل على المأمور به بمأمور به آخر وكلاهما كلامه لا رجوعا عن قوله الأول أنه لم يكن حقا وصدقا منه وحكمة وصلاحا لعباده يستخرج منهما التسليم لأمره في وقت يكون ذلك منهما ويكون من إبراهيم القصد منه لحديدة يذبح بها ابنه وإضجاعه ووضع السكين على حلقه بالصبر والتسليم لأمره ويكون من إسحق بالطوع لأبيه ابتغاء مرضاة الله ربه بالتسليم لأمره ويكون من الكبش بدله وكلاهما مراد له لم يزل في
وقتين مختلفين فأراد أن يضجعه ويقصد بحديدة لذبحه ويكون التسليم منهما ويأمره بالكبش فيذبحه ولو أراد الله ذبح ابنه لذبحه لا محالة لأنه تعالى لا يريد شيئا إلا تم ولو أراد ذبح ابنه لذبحه لا محالة ولأخبره أنه ذابحه لا محالة لأنه لا يخبر بشيء أنه كائن ثم لا يكون ولا يجوز أن يخبر أنه يكون إلا كان
كما أمر الله تعالى محمدا ﷺ والمؤمنين أن يصفحوا عن المشركين ولا يقاتلوهم ويصبروا على أذاهم وهو يريد أن يصفحوا عنهم إلى أن يقوى الإسلام ويهاجروا إلى المدينة وهو يريد إذا هاجروا وقوي المسلمون أن يأمرهم بالقتال وكلاهما لم يزالا مرادا له
أراد أن يوجب هذا إلى وقت ثم يوجب الآخر بدلا منه ويأمر بترك الأول كما أمرهم بالصلاة إلى بيت المقدس ثم أمرهم أن يتحولوا إلى الكعبة وذلك كثير في أحكامه أبدل أحدهما بدلا من الآخر في وقتين مختلفين وكلاهما كان مريدا له
هذا يريد أن يأمر به إلى وقت وهذا يريد أن يأمر به بدلا منه بعد تقضي الوقت ويأمر بترك الأول من غير بدء ولا جهل


الصفحة التالية
Icon