فقالوا ما جاز أن يكون بعضه خيرا من بعض فهو مخلوق لأنه إذا كان شيء هو خير من شيء فقد فضله والآخر منقوص وقال أو مثلها قالوا وما كان له مثل فهو مخلوق لأن المثل يشتبه بمثله وما جاز أن يأتي به الله جل وعز فيحدثه فهو مخلوق وكل مخلوق فمثله مخلوق لأن حكم المثل حكم مثله
وجهلوا التأويل إنما قوله جل وعز نأت بخير منها بخير بمأمور به هو أوسع لكم وأخف عليكم أو مثله في الخفة والسعة وكذلك قوله عز وجل من جاء بالحسنة فله خير منها لا يعني خيرا من التوحيد
وإنما يعني له منها خير كما يقال الدراهم خير من المال لا يريد أفضل من المال وإنما يريد الدراهم من المال خير فإن قالوا بظاهر التلاوة فقد جامعونا أن الله جل وعز عندما أمر بالوصية للوالدين أمر بمأمور به أوسع من الأول وجامعونا أن الله جل وعز لما أمر بالمال لورثة معلومين فالمأمور به الآخر أوسع وما نسخ الله جل وعز من تقدمه النجوى بين يدي كلامهم لرسوله عليه السلام وما نسخ من قيام الليل ونحو ذلك
ومما يدل على بطلان قولهم أن قائلا لو قال ترك قيام الليل أن يكون علينا واجبا هو أرفق بنا وأوسع لنا من قبل اتساعه لنا كان صادقا ولو قال إن قوله فاقرؤوا ما تيسر منه خير من قوله يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا فأراد أن الكلام الآخر من الله جل ذكره خير وأفضل والكلام الأول أنقص وأدنى كان كافرا بالله عز وجل إذ ازدرى كلام الله وزعم أنه منقوص دني
القسم الخامس
مع المعتزلة دفاع والزامات
دفاع عن أهل السنة
دعوى المعتزلة
وقد ادعى علينا بعض أهل البدع من المعتزلة أنا نزعم أن الله عز وجل ينسخ أخباره وصفاته فقالوا إن الله عز وجل أخبر أنه يعذب القاتل والزاني وشارب الخمر وآكل مال اليتيم ظلما ولم يستثن منهم أحدا فزعمتم أنه جائز أن يغفر الله لبعض أهل الكبائر وأنه لا يغفر لبعضهم
وقال بعضهم إنه يغفر لهم كلهم


الصفحة التالية
Icon