وأخبر أن الفجار لا يغيبون عن النار فزعمتم أن الله جل ذكره يخرج قوما من الفجار المقرين بعدما احترقوا ويدخلهم الجنة
وزعم بعضكم أن الله عز وجل يخرج كل فاجر مقر قاتل كان أو زان أو سارق أو من أتى بأعظم الذنوب إلا بالكفر بالله جل ثناؤه
وزعمتم أن الله جل وعز نسخ خبره وأخلف وعيده وأكذب قوله في بعض ما أخبر أنه معذبه وبعض من أخبر أنه مخلد في النار وهذا تكذيب وخلف من القول
وكذلك قالوا في الصفات قالوا زعمتم أن الله جل وعز امتدح بأن الأبصار لا تدركه ثم زعمتم أن هذه المدحة تبدل في الآخرة فتراه العيون وهذا نسخ المدح لأنه أمتدح بأن الأبصار لا تدركه ولم يستثن في الدنيا فزعمتم أنها تدركه في الآخرة نظرا
قالوا ولو جاز أن يغفر الله لأهل الكبائر بعد ما قال إني معذبهم وإن جزاءهم النار لجاز أن يغفر لأهل الكفر لأنه كذلك قال إني أعذبهم وإن جزاءهم النار ولو جاز أن تراه الأبصار بعدما نفى الرؤية لجاز في قوله وهو يطعم ولا يطعم أن يطعم في الآخرة ولا يطعم ١٠٧ في الدنيا
وكذلك قوله لا تأخذه سنة ولا نوم لجاز أن
تأخذه السنة والنوم في الآخرة وقوله لا يخفى عليه شيء أنه يخفى عليه في الآخرة لا فرقان بين ذلك زعموا
في الوعد والوعيد
وقال أبو عبد الله رحمه الله وقد أبعدوا القياس وادعوا علينا ما لم نقله معاذ الله أن نقول إن أخبار الله ومدحه تنسخ وهو الصادق في كل حال والكامل لم يزل ولا يزول ولكنا نقول إن الله جل ذكره أخبارا عامة وإن اتفق ظاهر تلاوتها في العموم فهو مختلف في معاني الخصوص والعموم
فأما ما ادعوا علينا في الوعيد فهذه دعوى باطل ولكن الله جل وعز أوجب لآكل مال اليتيم والزاني والسارق وشارب الخمر والقاتل وهو يريد أن ذلك عليهم أجمعين واجب وأنهم له مستحقون ولم يرد أن يعذبهم أجمعين ولو أراد أن يعذبهم أجمعين فإن أراد أن يعذب بعض من استوجب فيعذبه بعدله


الصفحة التالية
Icon