ويغفو عن بعض من وجب عليه فيعفو عنه بفضل رحمته لزلاته يقول إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
فأخبر أنه لا مشيئة له في مغفرة أحد من المشركين وله المشيئة فيما دون الشرك بالمغفرة عمن يشاء منهم فأخبر أنه لم يرد أن يعذبهم كلهم وأن يغفر لبعض من يشاء منهم
وأخبر أنهم جميعا مستحقون للعذاب وأن له مشيئة في بعض من استحق منهم العذاب الذي وجب عليهم في حكمه ولم يعلمنا من يغفر له فقطعنا بما قطع وأيسنا من عفوه عمن آيسنا منهم من المغفرة للمشركين وأوقفنا ما أوقف من عذاب المستحقين من المؤمنين إلا أنا نعلم أنه سيعذب بعضهم ولا يكذب قوله لأنه أخبر أنه يعذب وأن له مشيئة فيهم فيمن يشاء منهم أن يغفر له
فكان ما أخبر الله جل وعز به من عذاب الموحدين
خصوصا لا عموما إذ أخبر أنه يغفر لمن يشاء منهم وأن خبره أنهم مستوجبون عموم
وإذا أخبر أنه له مشيئة فيمكن مشيئته فيمن استوجب العذاب منهم
وأما ما ادعوا به علينا فزعموا أنه يلزمنا أن نشك في عذاب الكفار فلا ندري يغفر لبعضهم لأنه قال لليهود والنصارى بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء
فقالوا قد استثنى في هاتين الآيتين كما استثنى فيما دون الشرك فإنه يقال لهم أبعدتم في القياس والتمييز إن الله جل وعز لم يقل لليهود والنصارى بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء منكم فيكون قد استثنى بعضهم فيلزمنا ذلك فلو قال ذلك كان يلزمنا كما قلتم وكذلك قوله عز وجل يغفر لمن يشاء عموم لم يخص قوما بأعيانهم فقد عرفنا من يشاء مغفرته بعد عموم هذا الخبر بأخبار خاصة ولولا الأخبار الخاصة
بعد ذلك لكان علينا أن نقف حتى نعلم من يشاء عذابه فلما أخبرنا أنه لا يغفر لمن أشرك قطعنا بذلك


الصفحة التالية
Icon