وأخبرنا أنه يغفر لمن يشاء ممن تاب قال تعالى وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى وقال تعالى ولله ما في السموات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء فقطعنا بذلك وعلمنا أنه قد شاء عذاب الكافرين وشاء مغفرة التائبين ولما أرخى كذا مغفرته من يشاء من المصرين من الموحدين وقفنا ولم نقطع وعلمنا أنه يشاء أن يغفر لبعضهم وأنه يعذب بعضهم إذ أخبر أنه سيعذبهم إلا من يشاء مغفرته منهم فجعل مشيئته في مغفرة بعضهم خصوصا والآخرون معذبون بقوله أعذب وأغفر لمن شئت منهم فعلمنا أن من يشاء الله من خلقه بعد قوله يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء أن يعذبهم وأن يغفر لهم ولم نعلم من يغفر له من المصرين من الموحدين
ولا من يعذب منهم إلا أنه سيعذب بعضهم ويغفر لمن يشاء منهم
وأما قولهم لا يخلو من ثلاث خلال
إما أن يكون قال أعذبهم وهو يعلم أنه سيعذبهم
أو كان لا يعلم من يعذبه منهم
أو كان يعلم أنه يعذبهم
فالشك في علم عذابهم كفر
وقوله أعذبهم وهو يعلم ١٠٨ أنه لا يعذبهم كذب
فقد جامعناهم على ذلك إلا الفصل الأول وهو قولهم إنه قال ذلك وهو يعلم أنه يعذبهم
فجوابنا أنه قال ذلك وهو يعلم أنه سيعذب بعضهم ويعفو عمن شاء أن يعفو عنه وكذلك استثنى لما علم ولا يلحقه في ذلك شك ولا كذب ولا خلف والآية في الاستثناء من شاء أن يغفر له من الموحدين لا يخلو من أن تكون الآية من أولها إلى آخرها في المصرين أو في التائبين أو هي مخصصة أولها وآخرها في التائبين


الصفحة التالية
Icon