فهذا لا يقوله أحد أنه من تاب من الشرك لم يغفر له ومن تاب من الذنوب غفر لمن شاء منهم وإن كانت في المصريين فهذا عندنا هو الحق لأن الله جل ذكره لا يغفر لمن مات مصرا على الشرك ويغفر لمن يشاء ممن مات مصرا على الذنوب مع التوحيد وإن كان أولها في بعض دون بعض فهذا على معاني شتى وآخرها في التائبين فهذا التحكم في الدعوى لأنهم جامعونا على أن أولها في المصرين وقولهم إن أولها في المصرين على ما ابتدأها الله عز وجل أو يأتوا ببرهان على قولهم
وقولهم إن آخرها في التائبين فلو كان كذلك لم يكن التائبون مغفورا لهم أجمعين إنما الغفران أن يغفر لبعضهم لمن شاء منهم لأن الله جل ثناؤه استثنى خصوصا ولم يعم وقد عمتها الأخبار عنه أنه يغفر للتائبين جميعا ولم يخص أحدا منهم بالمغفرة دون أحد كما خص فيما دون الشرك أنه يغفر ما دون ذلك لمن يشاء
فإن أبوا في آيات الوعيد إلا ظاهر التلاوة أن الله عز وجل أخبر أنه معذب جميع من فعل ذلك وكل من
فعله منهم فهو في ظاهر التلاوة معذب وأنه إنما استثنى في آية الاستثناء من يأتي دون غيرهم كذا وأنه من أخبر أنه معذبه من الموحدين فالخبر فيه عام ولم يرد بعضنا دون بعض فعليهم في الظاهر مثل ذلك إن كان أراد أن يعذب من قال إني أعذبه على العموم ولم يرد بعضا دون بعض فقد قال الله جل وعز ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم وقال والله لا يحب الظالمين وقال إن الظالمين في عذاب مقيم وقال ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار
فكل من جاء بسيئة أو ظلم نفسه بذنب صغير ومات مصرا عليه أو عصى بذنب كبير وتاب منه فهو في النار لأنه لم يستثن في هذه الآي تائبا من مصر لا من كبيرة ولا من صغيرة
فإن قالوا إنه لا يريد التائبين ولا المجتنبين للكبائر ولا النبيين قيل لهم تركتم ظاهر التلاوة
وكذلك قلنا نحن لم نرد من شاء أن يغفر له من أهل الكبائر والصغائر المصرين


الصفحة التالية
Icon