وكذلك المجتنب للكبائر يلقى الله وقد استوجب الإجارة من العذاب وقد غفر الله له وأخبره أنه مدخله الجنة وعدا عليه مؤكدا فلا يحتاج إلى الشفاعة إنما يحتاج إلى الشفاعة المستوجب للعذاب فأما من ضمن الله له المغفرة وأخبره أنه من أوليائه وأنه مدخله الجنة وأنه لا يعذبه فلا يحتاج إلى الشفاعة ولو جاز أن يشفع في هذا لجاز أن يشفع في إبراهيم عليه السلام ألا يعذب وفي موسى ويحيى وجميع رسله واختص محمدا بأفضل الصلاة والتسليم لأن الوعد من الله عز وجل للمجتنب للكبائر ولرسله أكبر درجات في الجنة وأعظم منزلة عند الله جل ذكره قد وعدهم جميعا ألا يعذبهم ويدخلهم الجنة وقد تولاهم أجمعين فلا شفاعة للنبي ﷺ في القيامة على قولكم وهذا رد للآثار المستفيضة عن النبي ﷺ والأمة كلها جاهلها وعالمها كلهم يرجون شفاعة النبي ﷺ ولا يجوز في قولكم لأحد في الدنيا أن يرجو شفاعة النبي عليه السلام ولا أن يسألها لأنه إن كان صاحب كبيرة
فعليه أن يعلم أن النبي عليه السلام لا يشفع إلى الله عز وجل فيه لأن في ذلك طلبا أن يكذب قوله ويرجع عن وعيده
وإن كان مجتنبا للكبائر لم يجز له ذلك لأن عليه أن يعلم أن شفاعة النبي ﷺ في القيامة لا تجوز بزعمكم وحرام على أحد من العباد أن يرجوها أو يطلبها إلى الله عز وجل في قولكم
فإنما أنتم قوم غلطتم فجعلتم الخاص عاما والعام خاصا وادعيتم على من خالفكم أنه قد وصف الله جل وعز أن أخباره تتناسخ وقد دخلتم في مثل ما عبتم وجوزتم تعذيب الرسل عليهم السلام والتائبين لأنه وعد من عصاه النار ولم يستثن أحد إلا أن يقولوا إنه أخبر في آيات أخر أنه لا يعذب الرسل عليهم السلام ولا التائبين من المذنبين فيقال لكم وكذلك قد أخبر أنه يغفر ما دون الشرك لمن يشاء من المذنبين وقد قلتم فيمن أوجب الله لهم العذاب على الظلم إنه لم يرد الرسل عليهم السلام ولا التائبين


الصفحة التالية
Icon