وتجيء هذه اللغات الثلاث في « اختار » و « انقاد »، و « ردّ » و « حَبَّ » ونحوها، فتقول :« اختير » بالكسر، والإِشْمَام، و « اختورط، وكذلك :» انقيد «، و » انقود «، و » رَدَّ «، و » رِدَّ «، وأنشدوا :[ الطويل ]

١٩٩- وَمَا حِلُّ مِنْ جَهْلٍ حُبَا حُلَمَائِنَا وَلاَ قَائِلُ المَعْرُوفِ فِينَا يُعَنَّفُ
بكسر حاء » حل «.
وقرىء :»
وَلَوْ رِدُّوا « [ الأنعام : ٢٨ ] بكسر الراء.
والقاعدة فيما لم يسم فاعله أن يُضَمّ أول الفعل مطلقاً؛ فإن كان ماضياً كسر ما قبل آخره لفظاً نحو :»
ضرب «، أو تقديراً نحو :» قيل «، و » اختير «.
وقد يضم ثاني الماضي أيضاً إذا افتتح بتاء مُطَاوعة نحو :»
تُدُحْرج الحجر «، وثالثه إن افتتح بهمزة وصل نحو :» انْطُلِقَ بزيد « واعلم أن شرط جواز اللغات الثلاث في » قيل «، و » غيض «، ونحوهما ألا يلتبس، فإن التبس عمل بمقتضى عدم اللَّبْس، هكذا قال بعضهم، وإن كان سيبويه قد أطلق جواز ذلك، وأشَمّ الكسائي :﴿ قِيلَ ﴾ [ البقرة : ١١ ]، ﴿ وَغِيضَ ﴾ [ هود : ٤٤ ]، ﴿ وَجِيءَ ﴾ [ الزمر : ٦٩ ]، ﴿ وَحِيلَ ﴾ [ سبأ : ٥٤ ] ﴿ وَسِيقَ الذين ﴾ [ الزمر : ٧١ ] و ﴿ سياء بِهِمْ ﴾ [ هود : ٧٧ ]، و ﴿ سِيئَتْ وُجُوهُ ﴾ [ الملك : ٢٧ ]، وافقه هشام في الجميع، وابن ذكوان في » حِيْل « وما بعدها، ونافع في » سيء « و » سيئت «، والباقون بإخلاص الكسر في الجميع.
والإشْمَام له معان أربعة في اصطلاح القراء سيأتي ذلك في قوله :﴿ لاَ تَأْمَنَّا ﴾ [ يوسف : ١١ ] إن شاء الله تعالى.
و »
الهم « جار ومجرور متعلّق ب » قيل «، و » اللاَّم « للتبليغ، و » لا « حرف نهي يجزم فعلاً واحداً، و » تفسدوا « مجزوم بها، وعلامة جزمه حذف النون؛ وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأمثلة الخمسة.
و »
في الأرض « متعلّق به، والقائم مقام الفاعل هو الجُمْلَةُ من قوله :» لا تفسدوا « لأنه هو القول في المعنى، واختاره الزمخشري.
والتقدير : وإذا قيل لهم هذا الكلام، أو هذا اللّفظ، فهو من باب الإسناد اللَّفْظي.
وقيل : القائم مقام الفاعل مضمر، تقديره : وإذا قيل لهم هو، ويفسّر هذا المضمر سياق الكلام كما فسّره في قوله :﴿ حتى تَوَارَتْ بالحجاب ﴾ [ ص : ٣٢ ].
والمعنى؟ :»
وإذا قيل لهم قول سديد « فأضمر هذا القول الموصوف، وجاءت الجملة بعده مفسّرة، فلا موضع لها من الإعراب، فإذا أمكن الإسناد المعنوي لم يعدل إلى اللَّفْظِيّ، وقد أمكن ذلك بما تقدّم. وهذا القول سبقه إليه أبو البَقَاءِ، فإنه قال :» والمفعول القائم مَقَام الفاعِلِ مصدر، وهو القول، وأضمر لأن الجملة بعد تفسّره، ولا يجزز أن يكون « لا تفسدوا » قائماً مقام الفاعل؛ لأن الجملة لا تكون فاعلاً، فلا تقوم مقام الفاعل «.


الصفحة التالية
Icon