وتحتمل أن تكون « الألف » و « اللام » للعهد، فيكون المراد « كما آمن الرسول ومن معهن وهم ناسٌ معهودون، أو عبد الله بن سلام وغيره من مؤمني أهل الكتاب.
الثاني : المُرَاد به النَّبي ﷺ قال تعالى :﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ الناس على مَآ آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ ﴾ [ النساء : ٥٤ ].
أيك يحسدون النبي -E- على النِّساء.
الثَّالث : الناس : المؤمنون خاصّة قال تعالى :﴿ وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت ﴾ [ آل عمران : ٩٧ ]، ومثله :﴿ يَاأَيُّهَا الناس اعبدوا رَبَّكُمُ ﴾ [ البقرة : ٢١ ].
الرابع والخامس : كُفَّار قريش، وزيد بن مسعود، قال تعالى :﴿ الذين قَالَ لَهُمُ الناس ﴾ [ آل عمران : ١٧٣ ] يعني نَعِيم المكّي :﴿ إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ ﴾ [ آل عمران : ١٧٣ ].
السادس : آدم -عليه الصلاة والسَّلام- قال تعالى :﴿ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الناس ﴾ [ البقرة : ١٩٩ ] يعني : آدم ﷺ.
السابع : الرَّجَال؛ قال تعالى :﴿ لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس ﴾ [ غافر : ٥٧ ] يعني : الرجال.
فصل في إعراب الآية
الهمزة في » أنؤمن « للإنكار، والاستهزاء، ومَحَلّ » أنؤمن « ب » قالوا « وقوله :﴿ كَمَآ آمَنَ السفهآء ﴾ القول في » الكاف « و » ما « كالقول فيهما فيما تقدّم، و » الألف « و » اللام « في » السفهاء « تحتمل أن تكون للجنس أو للعهد، وأبعد من جعلها للغَلَبَة كالعيّوق؛ لأنه لم يغلب هذا الوصف عليهم، بحيث إذا قيل : السفهاء فيهم منهم ناس مخصوصون، كما يفهم من العيوق كوكب مخصوص.
والسَّفه : الخِفَّة، يقال : ثوب سفيه أي : خفيف النَّسْج، ويقال : سفهت الرِّيح الشيء : إذا حَرَّكته؛ قال ذو الرمّة :[ الطويل ]٢٠٧- جَرَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِيَاحٌ تَسَفَّهِتْ | أَعَالِيَهَا مَرَّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ |
وقال أبو تمام :[ الوافر ]٢٠٨- سَفِيهُ الرُّمْحِ جَاهِلُهُ إذَا مَا | بَدَا فَضْلُ السَّفيهِ عَلَى الحَلِيمِ |
أراد سريع الطَّعن بالرُّمْحِ خفيفه، وإنما قيل لبذيء اللسان : سفيه؛ لأنه خفيف الهداية.
وقال ﷺ :» شَارِبُ الخَمْرِ سَفِيهٌ « لقلة عقله.
وقيل : السفيه : الكَذَّاب الذي يعمل بخلاف ما يعلم، وإنما سمّى المنافقون المسلمين بالسُّفهاء، لأن المُنَافقين كانوا من أهل الرياسة، وأكثر المسلمين كانوا فقراء، وكان عند المنافقين أن دين محمد باطلٌ، والباطل لا يقبله إلا السَّفيه، فلهذا نسبوهم إلى السَّفاهة، ثم إنّ الله -تعالى- قلب عليهم هذا القول فقال :» أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ « لوجوه :
وثانيها : أنَّ من باع آخرته بِدُنْيَاهُ فهو السَّفيه.
وثالثها : أنَّ من عادى الله، وذلك هو السَّفيه.
والكلام على قوله :﴿ ألاا إِنَّهُمْ هُمُ السفهآء ولكن لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾ كالكلام على قوله :﴿ ألاا إِنَّهُمْ هُمُ المفسدون ولكن لاَّ يَشْعُرُونَ ﴾ [ البقرة : ١٢ ].
وقرأ أهل » الشام « و » الكوفة « » السّفهاء أَلاَ « بتحقيق الهمزتين، وكذلك كل همزتين وقعتا في كلمتين اتفقتا أو اختلفتا، والآخرون يحققون الأولى، ويليّنون الثانية والمختلفتين طلباً للخفّة فإن كانتا متّفقتين مثل :