وليس لمرجّح أن يرجّح قول الزمخشري بأنهم قالوا : إنَّ الميم في قولهم :« مُ الله » بقية « أيمن »، فإذا انتهكوا « أيمن » بالحذف حتى صار على حرف واحد، فأولى أن يقال بذلك فيما بقي على حرفين، لأن « أل » زائدة على ماهية « الذي »، فيكونون قد حذفوا جميع الاسم، وتركوا ذلك الزائد عليه، بخلاف « ميم » « أيمن »، وأيضاً فإن القول بأن « الميم » بقية « أيمن » قول ضعيف مردود يأباه قول الجُمًهُور.
وفي « الَّذي » لُغَاتٌ، أشهرها ثبوت الياء ساكنةً ود تُشَدِّد مكسورة مطلقاً، أو جاريةً بوجوه الإعراب، كقوله :[ الوافر ]

٢٢٦- وَلَيْسَ المَالُ فَاعْلَمْهُ بِمَالٍ وَإِنْ أَرْضَاكَ إلا لِلِّذِيِّ
يَنَالُ بِهِ العَلاَءَ وَيَصْطَفِيِهِ لأَقْرَبِ أَقْرَبَيْهِ وَلِلْقَصِيِّ
فهذا يحتمل أن يكون مبنيَّا، وأن يكون معرباً. وقد تُحْذَفُ ساكناً ما قبلها؛ كقول الآخر :[ الطويل ]
٢٢٧- فَلَمْ أَرَ بَيْتاً كَانً أَحْسَنَ بَهْجَةً مِنَ اللِّذْ بِهِ مِنْ آلِ عَزَّةَ عَامِرُ
أو مكسوراً؛ كقوله :[ الرجز ]
٢٢٨- واللِّذِ لَوْ شاءَ لَكَانَتْ بَرَّا أَوْ جَبَلاً أَشَمَّ مُشَمَخِرَّا
ومثل هذه اللغات في « التي » أيضاً.
قال بعضهم :« وقولهم : هذه لغات ليس بجيِّد؛ لأن هذه لم ترد إلاّ ضرورةً، فلا ينبغي أن تسمى لغاتٍ ».
و « استوقد » :« استفعل » بمعنى « أَفْعَل »، نحو :« استجاب » بمعنى « أَجَابَ »، وهو رأي الأخفش وعليه قول الشاعر :[ الطويل ]
٢٢٩- وَدَاعٍ دَعَا :
يَا مَنْ يَجِيبُ إلى الهُدَى فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ
لأي : فلم يجبه.
وقيل : بل السّين للطلب، ورجّح قول الأخفش بأن كونه للطَّلب يستدعي حذف جملة، ألا ترى أن المعنى : استدعوا ناراً فأوقدوها، فلما أضاءت؛ لأن الإضاءة لا تنشأ عن الطلب إنما تنشأ عن الإيقاد.
والفاء في قوله :« فَلَمَّا » للسبب.
وقرأ ابن السَّميفع :« كمثل الذين » بلفظ الجمع، واستوقد بالإقراد، وهي مُشْكلة، وقد خرجوها على أوجه أضعف منها وهي التوهّم، أي : كأنه نطق ب « مَنْ » ؛ إذا أعاد ضمير المفرد على الجمع كقولهم، « ضربني وضربت قومك » أي : ضربني من، أو يعود على اسم فاعل مفهوم من « استوقد »، والعائد على الموصول مَحْذوف، وإن لم يكمل شرط الحذف، والتقدير : استوقدها مستوقدٌ لهم. وهذه القراءة تقوّي قول من يقول : إنّ أصل « الذي » :« الذين »، فحذفت النون.
و « لَمَّا : حرف وجوب لوجوب هذا مذهب سيبويه.
وزعم الفارسي وتبعه أبو البقاء، أنها ظرف بمعنى »
حين «، وأن العامل فيها جوابها، وقد ردّ عليه بأنها أجيبت ب » ما « النافية، و » إذا « الفُجائية، قال تعالى :﴿ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً ﴾


الصفحة التالية
Icon