[ فاطر : ٤٢ ].
وقال تعالى :﴿ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [ العنكبوت : ٦٥ ]، و « ما » النافية، و « إذا الفجائية لا يعمل ما بعدهما فيما قبلهما، فانتفى أن تكون ظرفاً.
وتكون بمعنى » إلاّ « قال تعالى :﴿ وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الحياة الدنيا ﴾ [ الزخرف : ٣٥ ] في قراءة من قرأ بالتَّشديد.
و » أضاء « : يكون لازماً ومتعدياً، فإن كان متعدياً، ف » ما « مفعول به، وهي موصولة، و » حوله « ظرف مكان مخفوض به، صِلةٌ لها، ولا يتصرّف، وبمعناه : حَوَال؛ قال الشاعر :[ الرجز ].
٢٣١- وأَنَا أَمْشِي الدَّأَلَى حَوَالَكَا... ويُثَنَّيان؛ قال ﷺ :» اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا «.
ويجمعان على » أَحْوال «.
ويجوز أن تكون » ما « نكرة موصوفة، و » حوله « صفتها، وإن كان لازماً، فالفاعل ضمير » النار « أيضاً، و » ما « زائدى، و » حوله « منصوب على الظرف العامل فيه » أضاء «. وأجاز الزمخشري أن تكون » ما « فاعلة موصولة، أو نكرة موصولة، وأُنِّثَ الفعل على المعنى، والتقدير : فلما أضاءت الجهةُ التي حوله أو جهةٌ حوله.
وأجاز أبو البقاء فيها أيضاً أن تكون منصوبة على الظرف، وهي حينئذ : إما بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة، والتقدير : فلما أضاءت النَّار المكان الذي حوله، أو مكاناً حوله، فإنه قال : يقال : ضاءت النّار، وأضاءت بمعنى، فعلى هذا تكون » ما « ظرفاً.
وفي » ما « ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون بمعنى الذي.
والثاني : هي نكرة موصوفة، أي : مكاناً حوله.
والثالث : هي زائدة.
وفي عبارته بعض مُنَاقشته، فإنه بعد حكمه على » ما « بأنها ظرفية كيف يُجَوِّزُ فيها - والحالة هذه - أن تكون زائدة، وإنما أراد في » ما « هذه من حيث الجملة ثلاثة أوجه.
وقول الشاعر :[ الطويل ]
يحتمل التعدّي واللزوم كالآية الكريمة.٢٣٢- أَضَاءَتٍ لَهُمْ أَحْسَابُهُمْ وَوُجُوهُهُمْ دُجَى اللَّيْلِ حَتَّى نَظَّمَ الجَزْعَ ثَاقِبُهْ
وقرأ ابن السَّمَيْفع :» ضاءت « ثلاثياً.
قوله :» ذهب الله بنورهم « هذه الجملة الظاهر أنها جواب ل » ما «.
وقال الزمخشري :» جوابها محذوف، تقديره : فلما أضاءت خَمَدَتْ « وجعل هذا أبلغ من ذكر الجواب، وجعل جملة قوله :﴿ ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ ﴾ مستأنفة أو بدلاً من جملة التمثيل.
وقد رد عليه بعضهم هذا بوجهين :
أحدهما : أن هذا التقدير مع وجود ما يغني عنه، فلا حاجة إليه؛ إذ التقديرات إنما تكون عند الضَّرورات.
والثَّاني : أنه لا تبدل الجملة الفعلية من الجملة الاسمية.
و » بنورهم « متعلّق ب » ذهب «، والباء فيه للتَّعدية وهي مُرادفة للهمزة في التَّعدية، هذا مذهب الجمهور.
وزعم أبو العباس أنَّ بينهما فرقاً، وهو أن الباء يلزم معها مُصاحبة الفاعل للمفعول في ذلك الفِعْلِ الذي فبله، والهزة لا يلزم فيها ذلك.