أحدهما : كونها بمعنى « الواو » ؛ وأنشدوا :[ البسط ]

٢٣٩- نضال الخِلاَفَةَ أوْ كَانَتْ لَهُ قَدَراً كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ
وقال تعالى :﴿ تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ ﴾ [ النور : ٦١ ] وقال :[ الطويل ]
٢٤٠- وَقَدْ زَعَمَتْ لَيْلَى بِأَنِّيَ فَاجِرٌ لِنَفْسِي تُقَاهَا أوْ عَلَيْهَا فُجُورُهًا
قال ابن الخطيب : وهذه الوجوه مطردة في قوله :﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذلك فَهِيَ كالحجارة أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ [ البقرة : ٧٤ ].
المعنى الثاني : كونها بمعنى :« بل » ؛ قال تعالى :﴿ وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ [ الصافات : ١٤٧ ] وأنشدوا :[ الطويل ]
٢٤١- بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشَّمْسِ في رَوْنَقِ الضُّحَى وَصُورَتِها أوْ أَنْتَ في العَيْنِ أمْلَحُ
أي : بل أنت.
و « كصيب » معطوف على « كَمَثَلِ »، فهو في محل رفع، ولا بد من حذف مضافين؛ ليصح المعنى، التقدير يراد :« أو كمثل ذوي صيّب » ولذلك رجع عليه ضمير الجمع في قوله :﴿ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ في آذَانِهِم ﴾، لأن المعنى على تشبيههم بأصحاب الصَّيِّب لا بالصيب نفسه.
و « الصَّيب » المَطَر سمي بذلك لنزوله، يقال : صاب يصوب إذا نزل؛ ومنه : صوَّب رأسه : إذا خفضه؛ قال [ الطويل ]
٢٤٢- فَلَسْتُ لإنْسِيَّ ولَكِنْ لِمَلأَكِ تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ
وقال آخر :[ الطويل ]
٢٤٣- فَلاَ تَعْدِلِي بَيْنِي وَبَيْنَ مُغَمَّرٍ سَقَتْكِ رَوَايَا المُزْنِ حَيْثُ تَصُوبُ
وقيل : إنه من صَابَ يَصُوب : إذا قصد، ولا يقال : صَيّب إلا للمطر الجَوَاد، كان - ﷺ - يقول :« اللهم اجعله صَيِّباً هَنِيئاً » أي : مطراً جواداً، ويقال أيضاً للسحاب : صَيّب؛ قال الشماخ :[ الطويل ]
٢٤٤-.................................. وَأَسْحَمَ دَانٍ صادَقِ الرَّعْدِ صَيِّبِ
وتنكير « صيب » يدلّ على نوع زائد من المطر شديد هائلٍ كما نكرت « النَّار » في التمثيل الأول.
وقرئ « كصائب »، والصَّيب أبلغ.
واختلف في وزن « صَيِّب ».
فقد ذهب البصرون أنه « فَيَعِل »، والأصل : صَيْوِب أدغم ك « مَيّت » و « هَيّن »، والأصل : مَيوت وهَيْوِن.
وقال بعض الكوفيين : وزنه « فَعِيل » والأصل : صَوِيب بزنة طويل.
قال النحاس : وهذا خطأ؛ لأنه كان ينبغي أن يصح ولا يُعَلّ كطويل، وكذا أبو البقاء.
وقيل وزنه :« فَعْيَل » فقلب وأُدغم.
واعلم أنه إذا قيل بأن الجملة من قوله :﴿ ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ ﴾ [ البقرة : ١٧ ] استئنافية، ومن قوله :﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ﴾ [ البقرة : ١٨ ] إنها من وصف المنافقين كانتا جملتي اعتراض بين المتعاطفين، أعني قوله :« كَمَثَل » و « كَصَيِّبٍ » وهي مسألة خلاف منعها الفارسي ورد عليه بقول الشاعر :[ الوافر ]
٢٤٥- لَعَمْرِكَ والخُطُوبُ مُغَيِّراتٌ وَفِي طُولِ المُعَاشَرَةِ التَّقَالِي
لَقَدْ بَالَيْتُ مَظْعَنَ أُمٌّ أَوْفَى وَلَكِنْ أُمُّ أَوْفَى لا تُبَالِي
ففصل بين القسم، وهو « لعمرك » وبين جوابه، وهو « لَقَدْ بَالَيْتُ » بجملتين إحداهما :« والخطوب متغيرات ».


الصفحة التالية
Icon