٥١... - وَأَيَّامٍ لَنَا غُرٍ طوَالٍ عَصَيْنَا المَلْكَ فِيهَا أَنْ نَدِينَا
كما يُقالُ : فَخِذٌ وفَخْذٌ، وجَمْعُه على هذا : أَمْلُك ومُلُوك، قاله مَكِّيٌّ رحمه الله.
و « مَلِيك »، ومنه : الكامل
٥٢- فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ المَلِيكُ فَإِنَّمَا... قَسَمَ الخَلاَئِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُهَا
و « مَلَكي » بالإشْبَاعِ، وتُرْوَى عن نَافِع -C-.
إذا عُرِفَ هذا فيكونُ « مَلِك » نعتاً لله -تعالى- ظاهراً، فإنه معرفة بالإضافة.
وأما « مَالِك » فإِنْ أُرِيدَ به مَعْنَى المُضّيِ، فجعلُه نَعْتاً واضِحٌ أيضاً؛ لأن إضافَتَه مَحْضَة فيتعرَّفُ بها، ويُؤيّد كونَهُ ماضِيَ المَعْنَى قِراءةُ من قرأ :« مضلَكَ يَوْمَ الدِّينِ » فجعل « مَلَكَ » فِعْلاً مَاضِياً، وإن أُرِيد به الحالُ، أو الاستقبالُ [ فَيُشَكِلُ؛ لأنه : إِمَّا أنْ يُجْعَلَ نعتاً لله، ولا يجوزُ؛ لأنَّ إضافَةَ اسمِ الفاعلِ بمعنى الحالِ، أو الاستقبال ] غَيْرُ محضةٍ، فلا يُعْرَف، وإذا لم يتعرَّفْ، فلا يكون نعتاً لمعرفةٍ؛ لما عرفت فيه تقدم من اشتراط الموافقة تَعْرِيفاً وتنكيراً.
وإِمَّا أنْ يُجْعَلَ بَدَلاً، وهو ضَعيفٌ، لأن البدل بالمشتقاتِ نادِرٌ كما تقدم.
والذي يَنْبَغِي أنْ يُقالَ : إنه نعت على مَعْنَى أنَّ تَقْييدَهُ بالزمانِ غَيْرُ مُعْتَبِرٍ؛ لأَنَّ الموصوفَ إِذَا عُرِّفَ بِوَصْفٍ كان تقييدُه بزمانٍ غير معتبرٍ، فكان المعنى -والله أعلم- أنه متَّصِفٌ بمالك يوم الدِّين مطلقاً من غير نظر إِلَى مُضِيٍّ وَلاَ حَالٍ، ولاَ اسْتِقْبالٍ، وهذا مَالَ إلَيهِ الزمخشريُّ رحمة الله تعالى.
وإضافَةُ « مَالِكِ » و « مَلِكِ » إلى « يَوْمِ الدِّينِ » مِنْ بَابِ الاتِّساعِ؛ إذْ متعلّقهما غيرُ اليومِ، والتقديرُ : مَالِكِ الأَمْرِ كُلِّهِ يَوْم الدِّينِ.
ونظيرُ إِضَافَةِ « مَالِكٍ » إلى الظَّرْفِ -هُنَا- نَظِيرُ إِضَافَةِ « طَبَّاخٍ » إلى « ساعات » في قول الشاعر :[ الرجز ]
٥٣- رُبَّ ابْنِ عَمِّ لِسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ... طَبَّاخِ سَاعَاتِ الكَرَى زَادَ الكَسَلْ
إِلاَّ أَنَّ المَفْعُولَ في البيت مَذْكُورٌ -وهو « زادَ الكَسِلْ »، وف الآية الكريمةِ غيرُ مذكورٍ؛ للدلاَلةِ علَيه.
ويجوزُ أَنْ يكونَ الكَلاَمُ [ على ظاهِرِه ] من غيرَ تَقْدِيرِ حَذْفٍ.
ونسْبَةُ « المِلك » والمُلْك « إلى الزمان في حَقِّ اللهِ -تعالى- غَيْرُ مُشْكِلِةٍ، ويُؤيِّدُه ظاهرُ قِرِاءَةِ مَنْ قَرأ :» مَلَكَ يَوْمَ الدّين « فِعْلاً ماضياً، فإن ظاهِرَهَا كونُ » يَوْمَ « مَفْعُولاً به والإضافةُ على مَعْنَى » اللامِ «، لأنَّها الأصل.
ومِنْهم مضنْ جَعلها في هذا النحو على معنى » في « مُسْتَنِداً إلَى ظاهِرِ قَولِهِ تبارك وتعالى :﴿ بَلْ مَكْرُ الليل والنهار ﴾ [ سبأ : ٣٣ ] قال : المعنى » مَكْرٌ في اللَّيْلِ « إذ اللَّيلُ لاَ يُوصَفُ بالمكرِ، إنما يُوصَفُ بِه العُقَلاَءُ، فالمَكْرُ واقِعٌ فيه.
والمشهورُ أَنَّ الإضافَةَ : إِمَّا على معنى » اللامِ « وإما على مَعْنى [ مِنْ ]، وكونٌُها بمعنى » في « غَيْرُ صَحِيحٍ.
وأَمَّا قولُه تعالى :» مَكْرُ اللَّيْلِ « فلا دَلاَلَةَ فِيه؛ لأنَّ هذا من بَابِ البَلاَغَةِ، وهو التَّجوزُ في أَنْ جَعَلَ ليلهم ونهارهم ماكِرَيْنِ مبالغةً في كَثْرة وقوعه منهم فيهما؛ فهو نَظيرُ قَوْلِهِمْ : نَهَارُهُ صَائِم، ولَيْلُهُ قَائِم؛ وقول الشاعر في ذلك البيت :[ البسيط ]