و « أَصَابِعهُمْ » جمع إصبع، وفيها عشر لُغَات : بتثليث الهمزة مع تثليت البَاءِ، والعاشرة « أصبوع » بضم الهمزة.
والواو في « يَجْعَلُون » تعود لِلْمُضَاف المحذوف، كما تقدم إيضاحه.
واعلم أنه إذا حذف المضاف جاز فيه اعتباران :
أحدهما : أن يلتفت إليه.
والثاني : ألا يلتفت إليه، وقد جمع الأمران في قوله تعالى :﴿ وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤ ]، والتقدير : وكم من أهل قرية فلم يراعه في قوله :﴿ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا ﴾ [ الأعراف : ٤ ]، ورعاه في قوله تعالى :﴿ أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ ﴾ [ الأعراف : ٤ ] وذكر الأصابع، وإن كان المجهول إنما هو رؤوس الأصابع تسمية للبعض باسم الكُلّ كما في قوله تعالى :﴿ فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [ المائدة : ٣٨ ]، و ﴿ في آذَانِهِم مِّنَ الصواعق ﴾ كلاهما متعلّق بالجعل، و « من » معناها التعليل.
و « الصَّوّاعق » : جمع صاعقة، وهي الضَّجَّة الشديدة من صوت الرعد تكون معها القطعة من النار.
ويقال :« ساعقة » بالسّين، و « صاعقة »، و « صاقعة » بتقديم القاف؛ وأنشد :[ الطويل ]
٢٤٩- أَلَمْ تَرَ أَنَّ المُجْرِمِين أصَابَهُمْ | صَوَاقِعُ لاَ بَلْ هُنَّ فَوقَ الصَّواقِعِ |
٢٥٠- يَحْكُونَ بِالمَصْقُولَةِ القَوَاطِعِ | تَشَقُّقَ اليَدَيْنِ بِالصَّوَاقِعِ |
قال النَّحَّاس : وهي لغة « تميم »، وبعض « بني ربيعة »، فيحتمل أن تكون « صاعقة » مقلوبة من « صَاعِقة » ويحتمل ألاّ تكون، وهو الأظهر لثبوتها لغةً مستقلةً كما تقدم.
ويقال :« صقعة » أيضاً، وقد قرأ بها الكسَائي في « الذاريات ».
يقال : صُعِقَ زيد، وأصعقه غيره قال :[ الطويل ]
٢٥١- تَرَى النُّعَرَاتِ الزُّرْقَ تَحْتَ لَبَانِهِ | أُحَادَ وَمَثْنَى أصعَقَتْهَا صَوَاهِلُهْ |
وقيل : الصاعقة : قطعة عذاب ينزلها الله على من يَشَاءُ، وروي عن سالم بن عبد الله ابن عمر عن أبيه أن رسول الله ﷺ كان إذا سمع صوت الرَّعْدِ والصواعق قال :« اللَّهُمّ لا تقتلنا بغضبك ولا تُهْلكنا بِعَذَابِكَ وَعَافِنَا قبل ذَلِكَ ».
قوله :﴿ حَذَرَ الموت ﴾ أي : مَخَافَةَ الهلاك، وفيه وجهان :
أظهرهما : أنه مفعول من أجله ناصبه « يجعلون »، ولا يضر تعدّد المفعول من أجله؛ لأن الفعل يعلّل يعلل.
الثاني : أنه منصوب على المصدر وعامله محذوف تقديره يحذرون حذراً مثل حَذَرِ الموت. و « الحَذَرُ » و « الحِذَار » مصدران ل « حذر » أي : خاف خوفاً شديداً. واعلم أن المفعول من أجله بالنسبة إلى نصبه وجره بالحرف على ثلاثة أقسام : قسم يكثر نصبه، وهو ما كان غير معرف ب « أل » ولا مضاف نحو :« جئت إكراماً لك ».