٢٦٥- هُمَا أَظْلَمَا حالَيَّ ثُمَّتَ أَجْلَيَا ظَلاَمَيْهِمَا عَنْ وَجْهِ أَمْرَدَ أَشْيَبِ
ولا دليل في الآيَةِ؛ لاحتمالِ أنَّ أصله، « وإذَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ عليهم »، فلما بني للمفعول حذف الليل، وقام « عَلَيْهِم » مقامه، وأما بينت حبيب فمولّد.
وإنما صدرت الجملة الأولى ب « كلّما » والثانية ب « إذا »، قال الزمخشري :« لأنهم حراصٌ على وجود ما هَمّهم به، معقود من إمكان المشي وتأتِّيه، فكلما صادفوا منه فرصة انتهزوها، وليس كذلك التوقُّفُ والتَّحبُّسُ » وهذا هو الظاهر، إلاَّ أن من النحويين من زعم أن « إذا » تفيد التكرار أيضاً؛ وأنشد :[ البسيط ]
٢٦٦- إِذَا وَجَدْتُ أُوَارَ الحُبِّ في كَبِدِي أَقْبَلْتُ نَحْوَ سِقَاءِ القَوْمِ أَبْتَرِدُ
قال :« معناه معنى » كلما «.
قوله :»
قَامُوا « أي وقفوا أو ثبتوا في مكانهم، ومنهن » قامت السوق «.
قوله :﴿ وَلَوْ شَآءَ الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ﴾.
»
لو « حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، هذه عبارة سيبويه وهي أولى من عبارة غيره، وهي حرف امتناع لامتناع لصحة العبارة الأولى في نحو قوله تعالى :﴿ لَّوْ كَانَ البحر مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي ﴾ [ الكهف : ١٠٩ ].
وفي قوله عليه السلام :»
نِعْمَ العَبْدُ صُهَيْب، لو لم يَخفِ الله لم يَعْصِهِ « وعدم صحّة الثانية في ذلك كما سيأتي محرراً، ولفساد قولهم :» لو كان إنساناً لكان حيواناً « ؛ إذْ لا يلزمُ من امتناع الإِنسَانِ امتناعُ الحيوان، ولا يجزم بها خلافاً لقَوْم، فأما قوله :[ الرمل ]
٢٦٧- لو يَشَأْ طَارَ بِهِ ذُو مَيْعَةٍ لاَحِقُ الآطَالِ نَهْدٌ ذُو خُصَلْ
وقول الآخر :[ البسيط ]
٢٦٨- تَامَتْ فُؤَادَكَ لَوْ يَحْزُنْكَ مَا صَنَعَتْ إِحْدىَ نِسَاءِ بَنِي ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَا
فمن تسكين المتحرك ضرورةً. وأكثر ما تكون شرطاً في الماضي، وقد تأتي بمعنى »
إِن « ؛ كقوله تعالى :﴿ وَلْيَخْشَ الذين لَوْ تَرَكُواْ ﴾ [ النساء : ٩ ] وقوله :[ الطويل ]
٢٦٩- وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى الأخْيَليَّةَ سَلَّمَتْ عَلَيّ ودُوني جَنْدَلٌ وَصَفَائِحُ
[ لَسَلَّمْتُ تَسْلِيمَ البَشَاشَةِ أَوْ زَقَا إِلَيْهَا صَدًى مِنْ جَانِبِ القَبْرِ صَائِحُ ]
ولا تكون مصدريةً على للصحيح، وقد تُشَرَّب معنى التمني، فتنصب المضارع بعد »
الفاء « جواباً لها؛ نحو :﴿ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ ﴾ [ الشعراء : ١٠٢ ] وسيأتي تحريره إن شاء الله تعالى.
قال ابن الخطيب : المشهور أن »
لو « تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره، ومنهم من أنكر ذلك، وزعم أنها لا تفيد إلا الرَّبط، واحتج عليه بالآية والخبر :
أما الآية فقوله تعالى :﴿ وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ ﴾ [ الأنفال : ٢٣ ]، فلو أفادت كلمة »
لو « انتفاء الشَّيء لانتفاء غيره لزم التَّنَاقض؛ لأن قوله :﴿ وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ ﴾ [ الأنفال : ٢٣ ]، يقتضي أنه ما علم فيهم خيراً وما أسمعهم، وقوله :﴿ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ ﴾ [ الأنفال : ٢٣ ]، يقيد أنه ما أسمعهم، ولا تولوا؛ لكن عدم التولي خير، فيلزم أن يكون قد علم فيهم خيراً، وما علم فيهم خيراً.


الصفحة التالية