وأما الخبر فقوله ﷺ :« نعم الرَّجُلُ صُهَيْبٌ لو لم يَخَفِ اللهَ لم يَعْصِهِ » فعلى مقتضى قولهم : يلزم أنه خاف الله وعصاه، وذلك متناقض، فعلمنا أن كلمة « لو » إنما تفيد الربط.
و « شاء » أصله :« شيء » على « فعِل » بكسر العين، وإنما قلبت « الياء » « ألفاً » للقاعدة الممهدة ومفعوله محذوف تقديره ولو شاء الله إذهاباً؛ وكثر حف مفعوله ومفعول « أراد »، حتى لا يكاد ينطق به إلا في الشيء المستغرب؛ كقوله تعالى :﴿ لَّوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً ﴾ [ الزمر : ٤ ] ؛ وأنشدوا :[ الطويل ]
٢٧٠- وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِي دَماً لَبَكَيْتُهُ | عَلِيْهِ وَلَكِنْ سَاحَةُ الصَّبْرِ أَوْسَعُ |
واعلم أن جوابها يكثر دخول « اللا » عليه مثبتاً، وقد تحذف؛ قال تعالى :﴿ لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً ﴾ [ الواقعة : ٧٠ ].
ويقلّ دخولها عليه منفياً ب « مَا »، ويمتنع دخولها عليه منفياً بغير « مَا » ؛ نحو :« لو قمت لَمْ أَقُمْ » ؛ لتوالي لامين فيثقل، وقد يحذف؛ كقوله :[ الكامل ]
٢٧١- لا يُلْفِكَ الرَّاجُوكَ إِلاَّ مُظْهِراً | خُلُقَ الكِرَامِ وَلَوْ تكُونُ عَدِيمَا |
وقؤئ :« لأَذْهَبَ » فتكون « الياء » زائدة أو تمون فَعَل وأَفْعَل بمعنى، ونحوه ﴿ تَنبُتُ بالدهن ﴾ [ المؤمنون : ٢٠ ] والمراد من السمع : السماع، أي : لذهب بأسماعهم وأبصارهم الظاهرة كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة.
وقيل : لذهب بما استفادوا من العِزِّ والأمان الذي لهم بمنزلة السمع والبصر.
وقر ابن عامر وحمزة « شاء » و « جاء » حيث كان بالإمالة.
قوله :﴿ إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
هذه جملة مؤكّدة لمعنى ما قبلها، و « كُلّ شيء » متعلّق ب « قدير » وهو « فعيل » بمعنى « فاعل »، مستق من القُدْرة، وهي القوة والاستطاعة، وفعلها « قَدَرَ » بفتح العين، وله ثلاثة عشر مصدراً :« قدْرَة » بتثليث القاف، و « مَقْدرَة » بتثليث الدال، و « قَدْراً »، و « قَدَراَ »، و « قُدَراَ »، و « قَدَاراً »، و « قُدْرَاناً »، و « مَقِْراً » و « قدير » أبلغ من « قادر »، قاله الزَّجاج.
وقيل : هما بمعنى واحد؛ قال الهَرَوِيّ.
والشيء : ما صحّ أن يعلم من وَجْه ويخبر عنه، وهو في الأصل مصدر « شاء يشاء »، وهل يطلق على المعدوم والمستحيل؟ خلاف مشهور.