﴿ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ ﴾ [ يوسف : ٢٦ ] إما بإضمار « يكن » بعد « إن »، وإما على التبيين، والتقدير :« إن يكن قميصه، أو إن يتبين كونه قميصه » ولما خفي هذا المعنى على بعضهم جعل « إن » هنا بمنزلة « إذ » وقوله :« في ريب » مجاز من حيث إنه يجعل الريب ظرفاً محيطاً بهم، بمنزلة المكان لكثرة وقوعه منهم.
و « مِمَّا » يتعلّق بمحذوف؛ لأنه صفة لريب، فهو في محل جَرّ، و « من » للسَّببية، أو لابتداء الغاية، ولا يجوز أن تكون للتبعيض، ويجوز أن تتعلّق ب « ريب » أي : إن ارتبتم من أجل، ف « من » هُنا للسَّببية، و « ما » موصولة أو نكرة موصوفة، والعائد على كلا القولين محذوف، أي : نزلناه، والتضعيف في « نَزّلنا » هنا للتعدية مرادفاً لهمزة التعدي، ويدلّ عليه قراءة « أنزلنا » بالهمز، وجعل الزمخشري التضعيف هنا دالاًّ على نزوله منجماً في أوقات مختلفة.
قال بعضهم :« وهذا الذي ذهب إليه في تضعيف الكلمة هنا، هو الَّذي يعبر عنه بالتكثير أي يفعل مرة بعد مرة، فيدل على ذلك بالتضعيف ويعبر عنه بالكثرة » قال :« وذهل عن قاعدة، وهي أن التضعيف الدّال على ذلك من شرطه أن يكون في الأفعال المتعدّية قبل التضعيف غالباً نحو :» جَرَّحْتُ زِيْداً، وفَتَّحْتُ الباب «، ولا يقال جَلَّس زيدٌ » و « نَزَّل » [ لأنه ] لم يكن متعدياً قبل التضعيف، وإنَّ ما جعله متعدياً تضعيفه «.
وقوله :» غالباً « لأنه قد جاء التضعيف دالاًّ على الكثرة في اللاَّزم قليلاً نحو :» مَوَّت المال «، وأيضاً فالتضعيف الدَّال على الكثرة لا يجعل القاصر متعدياً، كما تقدم في » مَوَّتَ المال « و » نَزَّل « كان قاصراً فصار بالتضعيف متعدياً، فدلّ على أنَّ تضعيفه للنقل لا للتكثير، وأيضاً كان يحتاج قوله تعالى :﴿ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً ﴾ [ الفرقان : ٣٢ ] إلى تأويل، وأيضاً فقد جاء التضعيف حيث لا يمكن فيه التكثير، نحو قوله تعالى :﴿ وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ ﴾ [ الأنعام : ٣٧ ]، ﴿ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السمآء مَلَكاً رَّسُولاً ﴾ [ الإسراء : ٩٥ ] إلا بتأويل بعيد جدًّا، إذ ليس المعنى على أنهم اقترحوا تكرير نزول [ آية، ولا أنه علق تكرير نزول ] مَلَك رسول على تقدير كون ملائكة في الأرض.
وفي قوله :﴿ نَزَّلْنَا ﴾ التفات من الغيبة إلى التكلّم؛ لأن قبله :﴿ اعبدوا رَبَّكُمُ ﴾ [ البقرة : ٢١ ] جاء الكلام عليه لقيل :» مما نزّل عَلَى عَبْدِهِ « ولكن التفت للتفخيم.
و » عَلَى عَبْدِنَا « متعلّق ب » نَزَّلْنَا « وعُدِّي ب » على « لإفادتها الاستعلاء، كأن المنزل تمكّن من المنزول عليه ولبسه، ولهذا جاء أكثر القرآن بالتعدّي بها دون » إلى « فإنها تمكّن من المنزول عليه ولبسه، ولهذا جاء أكثر القرآن بالتعدّي بها دون » إلى « فإنها تفيد الانتهاء والوصول فقط، والإضافة في » عبدنا « تفيد التشريف؛ كقوله :[ السريع ]