٢٨٨- يَا قَوْمِ قَلْبي عِنْدَ زَهْرَاءِ يَعْرِفُهُ السَّامِعُ وَالرَّائِي
لاَ تَدْعُنِي إلاَّ بِيَا عَبْدَهَا فَإِنَّهُ أَشْرَفُ أَسْمَائِي
وقرئ « عبادنا » فقيل : المراد النبي -E- وأمته؛ لأن جدوى المنزل حاصل لهم.
وقيل : المراد بهم جميع الأنبياء عليهم السلام.
والعبد : مأخوذ من التعبد، وهو التذلل؛ قال طَرَفَةُ :[ الطويل ]
٢٨٩- إِلَى اَنْ تَحَامَتْنِي العَشِيرَةُ كُلُّهَا وأُفْرِدْتُ إِفْرَادَ البَعِيرِ المُعَبَّدِ
أي : المذلَّل.
ولما كانت العبادة أشرف الخصال والتسمّي بها أشرف الخطط سمَّى نبيه عبداً.
قوله :﴿ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ ﴾ جواب الشرط، والفاء هنا واجبة؛ لن ما بعدها لا يصحّ أن يكون شرطاً بنفسه، واصل « فأتوا » « إأْتِيُوا » مثل : اضربوا، فلهمزة الأولى همزة وصل أُتي بها للابتداء بالسَّاكن، والثَّانية فاء الكلمة، فلما اجتمع همزتان، وجب قلب ثانيهما ياءً على حَدِّ « إيمان » وبابه، واستثقلت « الضمة » على « الياء » التي هي « لام » الكلمة فقدرت، فسكنت « الياءط وبهدها طواو » الضمير ساكنة، فحذف « الياء » لالتقاء ساكنين، وضُمّت « التاء » للتجانُسِ، فوزن « ايتوا » :« افعوا »، وهذه الهمزة إنما يحتاج إليها ابتداءً، أما في الدَّرْج فإنه يُسْتَغْنَى عنها، وتعودُ الهمزةُ اليت هي « فاءُ » الكلمة؛ لأنّها إنّما قُلِبَتْ ياءً للكسرِ الذي كان قبلها، وقد زال نحو :« فأتوا » وبابه، وقد تحذف الهمزة التي هي « فاء » الكلمة في الأمر كقوله :[ الطويل ]
٢٩٠- فَإِنْ نَحْنُ لَمْ نَنْهَضْ لَكُمْ فَنَبَرَّكُمْ فَتُونَا فَعَادُونَا إذاً بالجَرَائِمِ
يريد : فأتونا كقوله : فأتوا.
قال ابن كيسان :« وهو أمر معناه التعجيز؛ لأنه -تعالى- علم عجزهم عنه ».
و « بسورة » متعلّق بأتُوا، والسورة واحدة السُّوَر، وهي طائفة من القُرْآن.
وقيل : السُّورة الدَّرجة الرفيعة، قال النابغة :[ الطويل ]
٢٩١- أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَعْطَاكَ سُورَةً تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَها يَتَذَبْذَبُ
وسميت سورة القرآن بذلك؛ لأن قارئها يشرف بها وترفعه، أو لرفعة شأنها، وجلالة محلّها في الدِّين، وإن جعلت واوها منقلبة عن « الهمزة »، فيكون اشتقاقها من « السُّؤْر »، وهو البقية، والفضلة؛ ومنه :« أَسْأَرُوا في الإِنَاءِ » ؛ قال الأعشى :[ المتقارب ]
٢٩٢- فَبَانَتْ وَقَدْ أَسَأَرتْ في الفُؤَا دِ صَدْعاً عَلَى نَأْيِهَا مُسْتَطِيرَا
أي : أَبْقَتْ، ويدلّ على ذلك أن « تميماً » وغيرها يهمزون فيقولون : سؤرة بالهمزة.
وسميت سورة القرآن بذلك؛ لأنها قطعة منه، وهي على هذا مخفّفة من « الهمز ».


الصفحة التالية
Icon