العامل في « إذ » محذوف دلّ عليه قوله :« فَسَجَدُوا » تقديره : أطاعوا وانقادوا، فسجدوا؛ لأن السجود ناشئ عن الانقياد.
وقيل : العامل « اذكر » مقدراً.
وقيل : زائدة وقد تقدّم ضعف هذين القولين.
وقال « ابن عطية » :« وإذ قلنا » معطوف على « إذ » المتقدمة، ولا يصحّ هذا لاختلاف الوقتين.
وقيل :« إذ » بدل من « إذ » الولى، ولا يصحّ لما تقدّم، ولتوسّط حرف العَطْف، وجملة « قلنا » في محل خَفْضٍ بالظرف، ومنه التفات من الغيبة إلى التكلُّم للعظمة، و « اللام » للتَّبليغ كنظائرها.
والشمهور جَرّ تاء « الملائكة » بالحَرْف «، وقرأ » أبو جعفر « بالضم إتباعاً لضمة » الجيم « ولم يعتد بالسَّاكن، وغلّطه الزَّجاج وخطأه الفارسي، وشبهه بعضهم بقوله تعالى :﴿ وَقَالَتِ اخرج ﴾ [ يوسف : ٣١ ] بضم تاء التأنيث، وليس بصحيح، لأن تلك حركة التقاء الساكنين، وهذه حركة إعراب، فلا يتلاعب بها، والمقصود هناك يحصل بأي حركة كانت.
وقال الزمخشري : لا يجوز استهلاك الحركة استهلاك الإعرابية إلاّ في لغة ضعيفة كقراءة ﴿ الحمد للَّهِ ﴾ [ الفاتحة : ٢ ] يعني بكسر الدال.
قال الشيخ »
شهاب الدين « : وهذا أكثر شذوذاً، وأضعف من ذاك مع ما في ذاك من الضَّعف المتقدم؛ لأن -هناك- فاصلاً، وإن كان ساكناً.
وقال »
أبو البقاء « : وهي قراءة ضعيفة جدًّا، وأحسن ما تحمل عليه أن يكون الرَّاوي لم يضبط عن [ القارئ ] أشار إلَى الضَّم تنبيهاً على أنّ الهمزة المحذوفة مضمومةٌ في الابتداء، فلم يدرك الراوي هذه الإشارة، وقيل : إنه نَوَى الوَقْفَ على » التَّاء « ساكنة، ثم حركها بالضم إتباعاً لحركة الجيم، وهذا من إجراء الوصل مجرى الوَقْفِ.
ومثله ما روي عن امرأة رأت رجلاً مع نساء، فقالت :»
أفي السَّوتَنْتُنَّهْ « -نوت الوقف على » سوءة «، فسكنت التاء، ثم ألقت عليها حركة همزة » أنتن « فعلى هذا تكون هذه حركة السَّاكنين، وحينئذ تكون كقوله :» قَالَتُ : أخْرُجْ « وبابه، وإنما أكثر الناس توجيه هذه القراءة لجلالة قارئها أبي جعفر يزيد بن القَعْقَاع شيخ نافع شيخ أهل » المدينة « وترجمتها مشهورة.
و »
اسجدوا « في محل نصب بالقول، و » اللام « في » لآدم « الظَّاهر أنها متعلّقة ب » اسجدوا «، ومعناها التعليل، أي : لأجله.
وقيل : بمعنى »
إلى « أي : إلى [ جهته له ] جعله قبلة لهم، والسجود لله.
وقيل : بمعنى مع، لأنه كان إمامهم كذا نقل.
وقيل : اللاَّم للبيان فتتعلّق بمحذوف، ولا حاجة إلى ذلك.
و »
فسجدوا « الفاء للتعقيب، والتقدير : فسجدوا له، فحذف الجار للعلم به، والسُّجود لغة : التذلَّل والخضوع، وغايته وضع الجَبْهَةِ على الأرض، وقال » ابن السكيت « :» هو الميل «، قال :» زيد الخيل « :[ الطويل ]


الصفحة التالية
Icon