قال « الحربي » : سمعت « ابن الأعرابي » يقول : لم يختلف العَرَبُ في أن هذه الأشياء على ملك أربابها، ومنافعها لمن جعلت له العُمْرَى والرُّقْبَى والإفقار والإخْبَال والمِنْحَة والعَرِيّة والسُّكْنَى والإطْراق.

فصل في وقت خلق حواء


اختلفوا في الوَقْتِ الذي خلقت زوجته فيه، فذكر « السّدي » عن ابن مسعود، وابن عباس، وناس من الصَّحابة رضي الله عنهم : أن الله - تعالى - لما أخرج « إبليس » من الجنة، وأسكن آدم بقي فيها وَحْدَهُ ما كان معه من يَسْتَأنس به، فألقى الله - تعالى - عليه النَّوم، ثم أخذ ضلعاً من أضلاعه من شِقِّهِ الأيسر، ووضع مكانه لحماً، وخلق حواء منه، فلما استيقظ وَجَدَ عند رأسه امرأةً قاعدةً فسألها ما أنت؟ قال : امرأة. قيل : ولم سميت امرأة؟ قال : لأنها من المراء أخذت، فقالوا له : ما اسمها؟ قال : حَوّاء، قالوا : ولم سميت حواء؟ قال : لأنها خلقت من حََيّ.
وعن « ابن عباس » رضي الله عنهما قال :« بعث الله جنداً من الملائكة، فحملوا آدم وحَوّاء - عليهما السلام - على سَرِيْرٍ من ذهب كما يحمل الملوك، ولباسهما النور حتى أدخلا الجنّة ».
فهذا الخبر يدلّ على أن حواء خلقت قبل إدخالهما الجنة.
روى الحسن عن رسول الله ﷺ - أنه قال :« إنَّ المرأة خلقت من ضِلع الرَّجُل، فإذا أردت تَقْوِيمَهَا كَسَرْتَها، وإن تركتها انْتَفَعْتَ بها واسْتَقَامَتْ »، وهذا القول منقول « عن أبي بن كعب، وابن عباس ووهب بن منبه، وسفيان بن عُيَيْنَةَ ».
واختاره ابن قتيبة في « المَغَازي »، [ والقاضي منذر بن سعيد البلوطي ] وحكاه عن « أبي حنيفة » وأصحابه، وهو نصّ التوراة التي بأيدي أهل الكتاب.
وفي رواية :« وإنْ أَعْوَجَ شَيءٍ في الضِّلْعِ أَعْلاَهُ؛ لن تستقيم لك على طَرِيقَةٍ واحدة، فإن اسْتَمْتََعْتَ بها، استمتعت وبها عِوَجٌ، وإن ذهبت تُقِيمُها كَسْرَتَهَا، وكَسْرُهَا طَلاَقُهَا » ؛ وقال الشاعر :[ الطويل ]
٣٩٠- هِيَ الضَّلَعُ العَوْجَاءُ لَسْتَ تُقِيمُها أَلاَ إِنَّ تَقْوِيمَ الضُّلُوعِ انِكِسَارُهَا
أَتَجْمَعُ ضَعْفَاً وَاقْتِداراً عَلَى الفَتَى أَلَيْسَ عَجِيباً ضَعْفُهَا وَاقْتِدَارُهَا

فصل في بيان خلافهم في الجنة المقصودة


اختلفوا في هذه الجنة هل كانت في الأرض أو في السماء؟ وبتقدير أنها كانت في السَّمَاء، فهل هي دار ثواب او جنّة الخُلْدِ؟


الصفحة التالية
Icon