ويقال : عدْوَة، وقد يجمع على « اعداء ».
فأما حصول العداوة بين آدم ولإبليس فلقوله تعالى :﴿ ياآدم إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ ﴾ [ طه : ١١٧ ]، وقوله :﴿ إِنَّ الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ فاتخذوه عَدُوّاً ﴾ [ فاطر : ٦ ].
وأما عداوة الحَيّة فلما نقله أهل التفسير من إدخاله إبليس في فِيِها، وقوله ﷺ :« اقتلوا الحَيَّات صَغِيرَهَا وكَبِيرَهَا وأَبْيَضَهَا وأَسْوَدَهَا، فإن من قتلها كانت له فِدَاءً من النار ومن قَتَلَتْهُ كان شهيداً ».
وما كان من الحيات في البيوت فلا يُقْتَل حتى يؤذن ثلاثة أيام؛ لقوله ﷺ :« إن بالمَدِينَةِ جِنَّا قد أسلموا، فإذا رَأَيْتُمْ منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بَدَا لكم بعد ذلك فَاقْتُلُوه فإنما هو شَيْطَان ».
وفي رواية :« إنَّ لهذه البيوت عَوَامِرَ فإذا رَأَيْتُمْ شيئاً منها فَحَرَّجُوا عليها ثلاثاً، فإن ذهب وإلا فَاقْتُلُوهُ فإنه كافر ».
وصفة الإنذار أن يقول : أنذرتكم بالعَهْدِ الذي أخذه عليكم سليمان - عليه الصَّلاة والسَّلام - أن تخرجوا.
واما كون الجنّ حيات فلقوله عليه الصَّلاة والسَّلام :« الجنّ على ثَلاَثَةِ أثْلاثِ فثُلُثٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يِطِيرُونَ في الهَوَاءِ، وثُلث حَيَّت وكِلاَب، وثُلُث يَحلُّونَ وَيَظْعَنُونَ ».
واللاَّم في « لِبَعْضٍ » متعلقة ب « عدو »، فلما قدم عليه انتصب حالاً، فتتعلق اللام حينئذٍ بمحذوف، وهذه الجملة الحالية لا حاجة إلى ادّعاء حذف « واو » الحال منها؛ لأن الرَّبْطَ حصل بالضمير، وإن كان الكثر في الجمل الاسمية الواقعة حالاً أن تقترن بالواو.
و « البعض » في الأصل مصدر بَعضَ الشيء يَبْغَضُهُ، إذا قطعه فأطلق على القطعة من النَّاس؛ لأنها قطعة منه، وهو مقابل « كلاًّ »، وحكمه حكمه في لزوم الإضَافَةِ معنى، وأنه معرفة بنيّة الإضافة فلا تدخل عليه « أل » وينتصب عنه الحال؛ تقول :« مررت ببعض جالساً » وله لفظ ومعنى، وقد تقدم تقرير ذلك.
تنبيه
من قال : إن جنّة آدم كانت في السماء فسّر الهبوط بالنزول من العُلُو إلى أسفل، ومن قال : إنها كانت في الأرض فسره بالتحوّل من مكان إلى آخر كقوله :﴿ اهبطوا مِصْراً ﴾ [ البقرة : ٦١ ].
هذه الجملة يجوز فيها الوجهان المتقدّمان في الجملة قبلها من الحالية، والاستئناف كأنه قيل : اهبطوا مثَُعَادين، ومستحقين الاستقرار.
و « لكم » خبر مقدم. و « في الأرض » متعلّق بما تعلّق به الخبر من الاستقرار.
وتعلقه به على وجهين :
أحدهما : أنه حال.
والثاني : أنه غير حال، بل كسائر الظروف، ويجوز أن يكون « في الأرض » هو الخبر، و « لكم » متعلّق بما يتعلّق به هو من الاستقرار، لكن على أنه غير حال؛ لئلا يلزم تقديم الحال على عاملها المعنوي، على أن بعض النحويين أجاز ذلك إذا كانت الحال نفسها ظرفاً، أو حرف كهذه الآية، فيكون في « لكم » أيضاً الوجهان، قال بعضهم : ولا يجوز أن يكون « في الأَرْض » متعلّقاً ب « مستقر »، سواء جعل مكاناً أو مصدراً؛ اما كونه مكاناً فلأن أسماء الأمكنة لا تعمل، وأما كونه مصدراً فلأن المَصْدَرَ الموصول لا يجوز تقديم معمول عليه.