وزاد السّدى فيه : يا ربّ هل كنت كتبت علي ذنباً؟ قال : نعم.
وقال النَّخعي : أتيت ابن عباس فقلت : ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه؟ قال : علّم الله آدم أمر الحجّ فحجا، وهي الكلمات التي تقال في الحجّ، فلما فرغا الحجّ أوحى الله - تعالى - إليهما قبلت توبتكما.
وروي عن ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، والضحاك، ومجاهد، وقتادة في قوله تعالى :﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين ﴾ [ الأعراف : ٢٣ ]، وعن مجاهد أيضاً :« سبحانك اللَّهم لا إله إلاَّ أنت ظلمتني فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم ».
وقالت طائفة : رأي مكتوباً على ساق العرش : محمد رسول الله، فشفّع بذلك.
وعن ابن عباس، ووهب بن منبّه أن الكلمات سبحانك اللَّهم وبحمدك، لا إله إلا أنت علمت سوءاً، وظلمت نفسي [ فاغفر لي إنك خير الغافرين، سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت عملت سوءاً، وظلمت نفسي ] فتب عليّ إنك أنت التَّوَّاب الرحيم «.
قالت عائشة رضي الله عنها : لما أراد الله أن يتوبَ على آدم، وطاف بالبيت سبعاً - والبيت حينئذ ربوة حمراء - فلما صلّى ركعتين استقبل البيت، وقال :»
اللَّهم إنك تعلم سرِّي وعلانيتي، فأقبل مَعْذِرَتِي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي، اللَّهُمّ إني أسألك إيماناً يُبَاشِرُ قلبي، ويقيناً صادقاً حتى أعلم أنه لن يصيبني إلاَّ ما كتبت لي ورضِّني بما قسمت لي « فأوحى الله - تعالى - إلىَ آدم يا آدم قد غفرت لك ذنوبك، ولن يأتي أحد من ذريّتك فيدعوني بمثل الذي دعوتني إلاَّ غفرت ذنبه، وكشفت هُمُومه وغمومه، ونزعت الفَقْرَ من عينيه، وجاءته الدُّنيا وهو لا يريدها ».
قوله :﴿ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾ عطف على ما قبله، ولا بُدَّ من تقدير جملة قبلها أي : فقالها. و « الكلمات » جمع « كلمة » وهي : اللَّفظ الدَّالُ على معنى مفرد، وتطلق على الجمل المفيدة مجازاً تسمية للكلّ باسم الجزء كقوله تعالى :﴿ إلى كَلَمَةٍ سَوَآءٍ ﴾ [ آل عمران : ٦٤ ] ثم فسرها بقوله :﴿ أَلاَّ نَعْبُدَ ﴾ [ آل عمران : ٦٤ ] إلى آخر الآية، وقال :﴿ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ ﴾ [ المؤمنون : ١٠٠ ] يريد قوله :﴿ رَبِّ ارجعون ﴾ [ المؤمنون : ٩٩ ] إلى آخره، وقال رسول الله ﷺ :« أَصْدَقُ كلمةٍ قالها شَاعِرٌ كلمة لَبِيِد » وهو قوله :[ الطويل ]

٤١٠- أَلاَ كُلَّ شَيءٍ مَا خَلاَ اللهَ بَاطِلُ وَكُلَُ نَعِيمٍ لاَ مَحَالَةَ زَائِلُ
فسمى هذا البيت كلمةً، والتوبة : الرجوع، ومعنى وصف الله - تعالى - بذلك أنه عبارةٌ عن العَطْفِ على عباده، وإنقاذهم من العذاب.
وقيل : قبول توبته.
وقيل : خلقه الإنابة والرجوع في قلب المسمى، وآخر الطَّاعات على جَوَارحه، ووصف عن العَطْفِ على عباده، وإنقاذهم من العذاب.
وقيل : قبول توبته.


الصفحة التالية
Icon