﴿ حَافِظُونَ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ ﴾ [ المؤمنون : ٥، ٦ ]، أيْ : إلاّ مِنْ أَزواجهم.
والزيادة كقوله :[ الطويل ]

٨١- أبَى اللهُ إلاَّ أَنَّ سَرْحَةَ مَالِكٍ عَلَى كُلِّ أَفْنَانٍ العِضَاهِ تَرُوقُ
لأنَّ « تُروقُ » يتعدى بنفسِه، ولكل موضع من هذه المواضع مَجَالٌ للنظر.
وهي مترددةٌ بين الحَرْفِيَّةِ، والاسْمِيَّةِ؛ فتكونه اسماً في موضعين : أحدهُما : أن يدخلَ عليها حَرْفَ الجَرّ؛ كقول الشاعر :[ الطويل ]
٨٢- غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا تَمَّ ظِمْؤُهَا تَصِلُ وَعَنْ قَيْضٍ بِزَيزَاءَ مَجْهَلِ
ومعناها « فَوق »، أيْ : من فوقه.
والثاني : أنْ يؤدي جعلُه حرفاً، إلى تعدِّي فعل المضمر المنفصل إلى ضمير المتّصل في غيرِ المَوَاضِع الجَائِز فيها؛ ومن ذلك قوله :[ المتقارب ]
٨٣- هَوِّنْ عَلَيْكَ فإنَّ الأُمُورَ بِكَفِّ الإلهِ مَقَادِيرُهَا
ومثلُها في هذيْن الحُكْمَيَن « عن »، وستأتي إن شاء الله تعالى.
وزعم بعضُهم أنَّ « على » مترددةٌ بين الاسم، والفِعْلِ، والحرفِ.
أما الاسمُ والحرفُ، فقد تقدما.
وأما الفعلُ : قال : فإنك تقولُ :« عَلاَ زيدٌ » أي : ارتفع. وفي هذا نَظَرٌ؛ لأن « عَلاَ » إذا كان فِعْلاً، مُشْتَقٌّ من العُلُوِّ، وإذا كان اسماً أو حرفاً، فلا اشتقاقَ له، فليس هو ذَاكَ، إلاَّ أنَّ هذا القَائِلُ يَرُدَُّ هذا النظرَ، [ بقولهم : إنَّ « خَلاَ »، « وَعَدا » مترددانِ بين الفعليَّةِ والحرفيَّةِ، ولم يلتفتوا إلى هاذ النظر ].
والأصلُ في هاء الكِناية الضَّمُّ، فإن تقدمها ياءٌ ساكنة، أو كسرةٌ، كَسَرَها غيرُ الحِجازَيين؛ نحو : عَلَيْهِم وفِيهِمْ وبِهِمْ.
والمشهورُ في مِيمِها السكونُ قبل متحرك، والكسرُ قبل ساكن، هذا إذا كَسَرْتَ الهاء، أما إذا ضممتَ، فالكَسْرُ ممتنع إلاّ في ضَرُورة؛ كقوله :« وفِيهُمِ الحكام » بِكَسْرِ المِيمِ.
وفي « عَلَيْهِمْ » عشرُ لُغاتٍ :
قُرِىءَ بِبَعْضِها :« عَلَيْهُمْ » بكسر الهاء وضمها، مع سُكُون الميم.
« عَلَيْهِمي »، بكسر الهاء، وزيادة الياء، وبكسر الميم فقط.
« عليهُمُو » بضم الميم، وزيادة واو، أو الضم فقط.
« عليهِمُو » بِكَسْرِ الهاءِ، وضم الميمِ، بزيادة الواو.
« عليهُمِي » بِضَمِّ الهاء، وزيادة ياي بعد الميم.
أو الكسر فقط « عليهِمُ » بكسر الهاء، وضم الميم، حكى ذلك ابنُ الأَنْبَاري.
والتفسيرُ، قال البَغَويُّ -رحمه الله تعالى- :« صراط الذين أنعمت عليهم أي : مَنَنْتَ عليهم بِالهِدَايَةِ والتوفيق، وقال عِكْرِمة -رضي الله تعالى عنه- : مَنَنْتَ عليهم بالثَّبات على الإيمان والاسْتِقَامَةِ وعلى الأنبياء عليهم السلام.
وقِيل : على كُلِّ مَنْ ثَبَتَهُ الله -تعالى- من النَّبِيين والمُؤْمنين الذي ذكرهم الله -تعالى- في قوله :﴿ فأولئك مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين ﴾ [ النساء : ٦٩ ] وقال ابنُ عباس -رضي الله تعالى عنهما- هُمْ قومُ مُوسَى، وعِيسَى- عليهما الصلاة والسلام، قبل أن غيروا دينهم. وقال أَبُو العَالِيَةَ : هم آلُ الرسولِ ﷺ وأبو بكر، وعمر رضي الله عنهما.
وقال شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ -Bه- : هم أصحابُ النبي ﷺ، وأهل بَيْتِهِ.


الصفحة التالية
Icon