و « الجزاء » : القضاء والمكافأة؛ قال :[ الرجز ]
٤٦٦ يَجْزِيهِ رَبُّ العَرْشِ عَنِّي إِذْ جَزَى | جَنَّاتِ عَدْنٍ في العَلاَلِيِّ العُلا |
٤٦٧ وأَجْزَأْتَ أَمْرَ العَالَمِينَ وَلَمْ يَكُنْ | لِيَجْزَأَ إلاَّ كَامِلٌ وَايْنُ كَامِلِ |
وقيل : إن الإِجْزَاء والجَزَاء بمعنَى، تقول فيه : جَزَيْتُهُ وأَجْزَيْتُهُ.
وقد قرىء :« تُجْزِىء » بضم حرف المُضَارعة من « أجزأ ».
قوله :﴿ وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ﴾ هذه الجملة عطف على ما قبلها، فهو صفة أيضاً ل « يوماً » والعائد « منها » عليه محذوف كما تقدم، ولا يقبل منها فيه شفاعة.
و « شفاعة » مفعول لم يُسَمّ فاعله، فلذلك رُفِعَتْ.
وقرىء :« يُقْبَل » بالتذكير والتأنيث، فالتأنيث للفظ، والتذكير لأنه مؤنّث مجازي، وحسنه الفصل.
وقرىء :« ولا يَقْبَلُ » مبنياً للفاعل وهو « الله » تعالى. و « شَفَاعةٌ » نصبا مفعولاً به. « وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ » صفة أيضاً، والكلام فيه واضح.
و « منها » متعلّق ب « يُقْبَل » و « يُؤْخَذ ».
وأجاز أبو البقاء : أن يكون نصباً على الحال؛ لأنه في الأصل صف ل « شفاعة » و « عَدْل »، فلما قدم عليهما نصب على الحَالِ، ويتعلّق حينئذ بمحذوف، وهذا غير وَاضِحٍ، فإنّ المعنى منصب على تعلقه بالفعل، والضمير في « منها » يعود على « نفس » الثانية؛ لأنها أقرب مذكور، ويجوز أن يعود الضَّمير الأول على الأولى، وهي النفس الجازية، والثاني يعود على الثَّانية، وهي المجزيّ عنها، وهذا مُنَاسب.
و « الشَّفَاعة » مشتقة من الشَّفْع، وهو الزوج، ومنه « الشُّفْعَة » ؛ لأنها ضَمَ ملك إلى غيره، والشافع والمشفوع له؛ لأن كلاًّ منهما يزوج نفسه بالآخرن ونَاقَةٌ شَفُوعٌ يجمع بين مَحْلَبَيْنِ في حَلْبَةٍ واحدة، وناقة شَافِعٌ : إذا اجتمع لها حَمْلٌ وَوَلَدٌ يَتْبَعُهَا.
وَالعَدْل بالفتح الفِدَاء وبالكَسْرِ : المِثْل، يقال : عَدْل وعَدِيل.
وقيل : عَدْل بالفتح المساوي للشيء قيمةً وقدراً، وإن لم يكن من جنسه، وبالكَسْرِ : المساوي له في جنسه وجِرْمِهِ.
وحكى الطبري :« أن من العرب من يكسر الذي بمعنى الفِدَاء، وأما عِدْل واحد الأعدال فهو بالكسر لاغيره ». وعَدْل واحد الشهود [ فبالفتح لا غير، وأما قوله عليه السلام :« لَمْ يَقْبَلِ الله مِنْهُ صَرْفاً وَعَدْلاً » ] فهو بالفتح أيضاً. وقيل : المراد ب « الصَّرْف » : النَّافلة، وب « العَدْل » : الفريضة.
وقيل : الصَّرف : التوبة، والعَدْل : الفِدْيَة.
قوله :﴿ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ جملة من مبتدا وخبر معطوفة على ما قلها، وإنما أتى هنا بالجملة مصدّرة بالمبتدأ مخبراً عنه بالمُضَارع تنبيهاً على المُبَالغة والتأكيد في عدم النصرة.