فيكون من باب « قَمْح وقَمْحَة ».
وقيل : سَلْوَى مفرد وجمعها : سَلاَوى ك « فَتْوَى وَفَتَاوَى » قاله « الكسائي ».
وقيل : سلوى يستعمل للواحد والجمع ك : دِفْلَى. و « السُّلْوَانَةُ » بالضم خَرَزَةٌ كانوا يقولون : إذا صُبَّ عليها ماء المَطَرِ فشربه العاشق سَلاَ؛ [ قال :[ الطويل ]
٥٠٩ شَرِبْتُ عَلَى سُلْوَانَةٍ مَاءً مُزْنَةٍ | فَلاَ وَجَدِيدِ العَيْشِ يَا مَيُّ مَا أَسْلُو ] |
وقال بعضهم :« السُّلْوَان » دواء يُسْقَاه الحزين فَيَسْلُو، والأطباء يسمونه المُفَرِّح. يقال : سَلَيْتُ وسَلَوْت، لُغَتَان. وهو في سُلْوة من العيش، قاله « أبو زيد ».
و « السَّلوى » عطف على « المَنّ » لم يظهر فيه الإعراب، لأنه مقصور، وهذا في المقصور كلّه؛ لأنه لا يخلو من أن يكون في آخره ألف.
قال الخليل :« والألف حرف هَوَائِيّ لا مُسْتَقَرّ له، فأشبه الحركة، فاستحالت حركته ».
وقال « الفراء » :« لو حركت الألف صارت همزة ».
فصل في سبب تقديم المن على السلوى
فإن قيل : المعهود تقديم الأهم [ فالأهم ] والمأكول مقدّم على الفاكهة والحلوى؛ لأن به قيام البِنْيَةِ، فالإنسان أول ما يأكل الغذاء، ثم بعد الشِّبع يتحلّى ويأكل الفاكهة وهاهنا قدم المَنّ وهو الحلوى على الغذاء وهو السلوى فما فائدته؟
فالجواب : أن نزول الحَلْوَى من السماء آمر مخالف للعادة، فقدم لاستطعامه بخلاف الطيور المأكولة، فإنها ليست مخالفةً للعادة، فإنها مألوفةٌ الأكل.
« كلوا » هذا على إضمار القول، أي : وقلنا لهم : كلوا، وإضمار القول كثير، ومنه قوله تعالى :﴿ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ ﴾ [ الرعد : ٢٣ ] أي : يقولون سلام، ﴿ والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ ﴾ [ الزمر : ٣ ] أي : يقولونك ما نعبدهم إلاّ. ﴿ فَأَمَّا الذين اسودت وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ ﴾ [ آل عمران : ١٠٦ ] أي : فيقال لهم : أكفرتم، وتقدم الكلام في كل تصريفه.
قوله :« مِنْ طَيِّبَات » منك لابتداء الغاية، أو للتبعيض.
وقال :« أبو البقاء » : أو لبيان الجِنْسِ. والمفعول محذوف، أي : كلوا شيئاً من طيبات. وهذا ضعيف؛ لأنه كيف يبين شيء ثم يحذف.
قولهك « مَا رَزَقْنَاكُم » يجوز في « ما » أن تكون بمعنى الَّذي، وما بعدها حاصلة لها، والعائد محذوف، أي : رَزَقْنَاكُمُوهُ، وأن تكون نكرة موصوفة.
فالجملة لا محلّ لها على الأول، ومحلّها الجر على الثَّاني، والكلام في العَائِد كما تقدّم، وأن تكون مصدريةٌ، والجملة صلتها، ولم تَحْتَجْ إلى عائدٍ على ما عرف قبل ذلك، ويكون هذا المصدر واقعاً موقع المفعول، أي : من طيبات مرزوقنا.
قوله :« أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ».
« أنفسهم » مفعول مقدم، و « يظلمون » في محل نصب خبر « كانوا » وقدّم المفعول إيذاناً باختصاص الظُّلم بهم، وأنه لا يتعّداهم.