هذا هو الإنعام الثَّامن، وحذفت الألف من « قلنا » لسكونها، وسكون الدال بعدها، والألف التي يبتدأ بها قبل الدّال ألف وصل؛ لأنه من يدخل.
قوله :« هَذِهِ الْقَرْيَةَ ».
هذه منصوبة عند سيبويه على الظرف، وعند الأخفش على المفعول به، وذلك أنّ كل ظرف مكان مختصّ لا يتعدّى إليه الفعل إلاّ ب « في »، تقول : صلّيت في البيت ولا تقول : صلّيت البيت إلاّ ما استثني.
ومن جملة ما استثني « دخل » مع كل مكان مختصّ، « دخلت البيت والسُّوق »، وهذا مذهب سيبويه وقال الأخفش : الواقع بعد « دَخَلت » مفعول به كالواقع بعد « هَدَمت » كقولك :« هَدَمت البيت » فول جاء « دَخَلْت » مع الظرف تعدّى ب « في » نحو :« دخلت في الأمر » ولا تقول :« دَخَلْت الأمر »، وكذا لو جاء الظرف المختصّ مع غير « دخل » تعدّى ب « في » إلا ما شَذَّ؛ كقوله :[ الطويل ]

٥١٠ جَزَ الله [ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ ] رَفِيقَيْنِ قَالاَ خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ
و « القرية » « المدينة »، وهي نعت ل « هذه »، أو عطف بَيَان كما تقدم، والقرية مشتَقّة من قَرَيْتُ أي : جمعت، تقول : قَرَيْتُ المَاءَ في الحَوْض، أي : جَمَعْتُهُ، واسم ذلك الماء قِرى بكسر القاف و « المِقْرَاة » للحوض، وجمعها « مَقَارٍ »، قال :[ الطويل ]
٥١١ عِظَام الْمَقَارِي ضَيْفُهُمْ لاَ يُفَزَّعُ ......................
و « القَرْيَان » اسم لمجتمع الماء، و « القَرْيَةُ » في الأصل اسم للمكان الذي يجتمع فيه القوم، وقد يطلق عليهم مجازاً، وقوله تعالى ﴿ واسأل القرية ﴾ [ يوسف : ٨٢ ] يحتمل الوجهين.
وقال الراغب :« إنها اسم للموضع وللناس جميعاً، ويُسْتَعْمَل في كل واحد منهما » و « القِرْية » بكسر القاف في لغة « اليمن »، واختلف في تعيينها.
فقال الجمهور : هي بيت المقدس.
وقال ابن عباس :« أَرِيْحا » وهي قرية الجَبَّارين، وكان فيها قوم من بَقِيَّةِ عَادٍ يقال لهم : العَمَالقة، ورئيسهم عوج بن علق.
وقال « ابن كيسان » :« الشّام ».
وقال الضحاك :« الرَّمْلَة » و « الأردنُّ »، و « فلسطين » و « تَدْمُرُ ».
وقال مقاتلك « إيليا ».
وقيل : بلقاء.
وقيل :« مصر ». والصحيح الأول، لقوله من المائدة :﴿ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ ﴾ [ المائدة : ٢١ ].
قوله :« وَكُلوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً » تقدّم الكلام على هذه المادة.
قوله :« الْبَابَ سُجَّداً » حال من فاعل « ادْخُلُوا » وهو جمع « سَاجِد ».


الصفحة التالية
Icon