وقال هنا :« ادْخُلُوا » وفي « الأعراف » :« اسْكُنُوا ».
قال ابن الخطيب :« لأنّ الدخول مقدّم على السُّكْنَى ».
وهذا يرد عليه، فإن « الأعراف » قبل « البقرة » ؛ لأنها مكية.
وقال [ هنا ] « فَكُلُوا » بالفاء، وفي « الأعراف » « وَكُلُوا » بالواو.
والجواب ها هنا هو الذي ذكرناه في قوله تعالى في سورة البقرة :﴿ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً ﴾، وفي الأعراف ﴿ فَكُلاَ ﴾. [ ولم ذكر قوله :« رغداً » في « البقرة »، وحذفه في « الأعراف » ؟ لأنه اسند الفعل إلى نفسه لا جرم ذكر معه الإنْعَام الأعظم وهو أن يأكلوا رغداً ]، وفي « الأعراف » لما لم يسند الفعل إلى نفسه [ لا جرم ] لم يذكر الإنعام الأعظم.
وقال هنا :﴿ وادخلوا الباب سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ ﴾، وفي « الأعرافش » قدّم المؤخر؛ لأن الواو للجمع المطلق، وأيضاً يحمتل أن يكون بعضهم مذنباً، وبعضهم ليس بمذنب، المُذْنِب يكون اشتغاله أولاً بالتوبة، ثم بالعبادة فكلفوا أن يقولوا أولاً « حطة » ثم يدخلوا الباب سُجَّداً، وأما الذي ليس بمذنب، فالأولى به أن يشتغل بالعبادة أولاً، ثم [ يذكروا ] التوبة ثانياً على سبيل هَضْم النفس، وإزالة العجب في فعل تلك العبادة فكلفوا أن يدخلوا الباب سجداً أولاً، ثم يقولوا « حطة »، فذكر حكم كل قسم في سورة قاله ابن الخطيب.
وفيه نظر؛ لأن هذا القول إنما كان مَرّة واحدة.
قال هنا :﴿ وَسَنَزِيدُ المحسنين ﴾ بالواو، وفي « الأعراف » بغير واو.
وقال ابن الخطيب : لأنه ذكر في « الأعراف » أمرين : قول الحطة، وهو إشارة إلى التوبة، ودخول الباب سجداً، وهو إشارة العبادة، ثم ذكرجزاءين : قوله تعالى :﴿ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ﴾، وهو واقع في مقابلة قول الحطّة، وقوله :﴿ وَسَنَزِيدُ المحسنين ﴾، وهو واقع في مُقَابلة دخول الباب سجداً، [ فترك ] الواو يفيد توزيع كل واحد مِنَ الجَزَاءين على كل من الشرطين.
وأما في « البقرة » فيفيد كون مجموع المغفرة والزيادة جزاءً واحداً لمجموع الفعلين.
وقال هنا :﴿ فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ قَوْلاً ﴾، وفي « الأعراف » زاد كلمة « منهم ».
قال ابن الخطيب : لأنه تعالى قال :﴿ وَمِن قَوْمِ موسى أُمَّةٌ ﴾، فذكر أن منهم من يفعل ذلك، ثم عدّد صنوف إنعامه عليهم، وأوامره لهم فلما انتهت القصّة قال :﴿ فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ مِنْهُمْ ﴾ [ فذكر لفظة « مِنْهُمْ » في آخر القصّة كما ذكرها في أول القصة ] ليكون آخر الكلام مطابقاً لأوله، وأما هنا فلم يذكر الآيات التي قيل قوله :﴿ فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ ﴾ تمييزا وتخصيصاً حتى يلزم في آخر القصة ذكر ذلك التخصيص.
وقال هنا :﴿ فَأَنزَلْنَا ﴾ وفي [ سورة ] « الأعراف » ﴿ فَأَرْسَلْنَا ﴾، وأتى بالمضمر دون الظاهر؛ لأنه تعالى عدّد عليم في هذه السُّورة نعماً جسيمة كثيرة، فكان توجيه الذّمن عليهم، وتوبيخهم بكفرانها أَبْلَغ من حيث إنه لم يعدّد عليهم هناك ما عَدّد هنا.
فلفظ « الإنزال » للعذاب أبلغ من لفظ « الإرسال ».
وقال هنا :﴿ يَفْسُقُونَ ﴾، وفي « الأعراف » :﴿ يَظْلِمُونَ ﴾ تنبيها على أنهم جامعون بين هذين الوصفين القبيحين.