كسرت الذّال من « إذ » لالتقاء الساكنين، والسين للطلب على وجه الدعاء أي : سأل لهم السُّقْيَا، وألف « إسْتَسْقَى » منقلبة عن ياء؛ لأنه من « السَّقْي »، وتقدَّم معنى « اسْتَفْعَلَ »، ويقال :« سَقَيْتُه » و « أَسْقَيْتُهُ »، بِمَعْنّى؛ وأنشد :[ الوافر ]
٥٢١ سَقَى قَوْمِي بَنِي مَجْدٍ وَأَسْقَى | نُمَيْراً وَالقَبَائِلَ مِنْ هِلاَلِ |
وقيل : أسقيته : دَلَلْتُه على الماء، وسيأتي عند قوله :﴿ نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ ﴾ [ النحل : ٦٦ ] وسقى وأسقى متعدّيان لمفعولين، قال تعالى :﴿ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ﴾ [ الإنسان : ٢١ ] وقال :﴿ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً ﴾ [ المرسلات : ٢٧ ].
و « لِقَوْمِهِ » متعلّق بالفعل، واللام للعلّة، أي : لأجل، أو تكمون للبيان لما كان المراد به الدعاء كالتي في قولهم :« سُقْياً لَكَ » فتتعلّق بمحذوف كنظيرتها.
قوله :﴿ اضرب بِّعَصَاكَ الحجر ﴾ الإدغام هنا واجبٌ؛ لأنه متى اجتمع مثلان في كلمتين؛ أو كلمة أوّلهما ساكن وجب الإدغام نحو : اضرب بكراً، وألف « عصاك » منقلبة عن واو؛ لقولهم في النّسب : عَصَوِيٌّ، وفي التثنية عَصَوَان؛ قال :[ الطويل ]
٥٢٢................... | عَلَى عَصَوَيْهَا سَابِرِيٌّ مُشَبْرَقُ |
٥٢٣ فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَا النَّوَى | كَمَا قَرَّعَيْنَا بِالإيَابِ المُسَافِرُ |
٥٢٤ إذَا كَانَتِ الهَيْجَاءُ وَانْشَقَّتِ العَصَا | فَحَبْسُكَ وَالضَّحَّاحُ سَيْفٌ مُهَنَّدٌ |
وفي [ المثل ] :« العَصَا من العُصَيَّة » أي : بَعْضُ الأمر من بَعْضٍ.
و « الحَجَر » مفعول. و « أل » فيه للعَهْدِ.
وقيلك للجنس، وهو معروف، وقياس جمعه في أدنى العدد « أَحْجَار » وفي التكثير :« حِجَارٌ وحِجَارَةٌ » نادر، وهو كقلونا :« جَمَل وجِمَالة »، و « ذَكَر وذِكَارة » قاله ابن فارس والجَوْهري.
وكيف يكون نادراً وفي القرآن :﴿ فَهِيَ كالحجارة أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الحجارة ﴾ [ البقرة : ٢٧ ]، ﴿ قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً ﴾ [ الإسراء : ٥٠ ]، ﴿ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ﴾ [ الفيل : ٤ ]، ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً ﴾ [ هود : ٨٢ ].
قوله :﴿ فانفجرت ﴾ « الفاء » عاطفة على محذوف لا بُدّ من تقديره : فضرب فانفجرت. قال ابن عصفور : إن هذه « الفاء » الموجودة هي الداخلة على ذلك الفعل المحذوف، والفاء الداخلة على « انْفَجَرَتْ » محذوفة، وكأنه يقول : حذف الفعل الأول لدلالة الثاني عليه، وحذفت « الفاء » الثانية لدلالة الأولى عليها.