قوله :﴿ وَيَقْتُلُونَ ﴾ في محلّ نصب عطفاً على خبر « كان »، وقرىء :« تقتلون » بالخطاب التفاتاً إلى الخطاب الأول بعد الغيبة. و « يُقَتَّلونُ » بالتشديد للتكثير.
قوله :﴿ النبيين ﴾ مفعول به جمع « نبي ».
والقراءة على ترك الهمزة في النُّبوة، وما تصرف منها، ونافع المدني على الهمز في الجميع إلاّ موضعين : في سورة « الأحزاب » :﴿ لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ﴾ [ الأحزاب : ٥٠ ]، ﴿ بُيُوتَ النبي إِلاَّ ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ]، فإن قالون حكى عنه في الوَصْلِ كالجماعة وسيأتي. وما من همز فإنه جعله مشتقاً من « النبأ » وهو الخبر، فالنَّبِيُّ « فعيل » بمعنى « فاعل » أي : مُنَبِّىءٌ عن الله برسالته، ويجوز أن يكون بمعنى « مفعول »، أي : أنه مُنَبَّأٌ من الله بأوامره ونواهيه، واستدلُّوا على ذلك بجمعه على « نُبَآء » ك « طَرِيف وظُرَفَاء » قال العَبَّاسُ بنُ مِرْدَاسٍ :[ الكامل ]

٥٤٥يا خَاتَمَ النُّبَآءِ إِنَّكَ مُرْسَلٌ بِالحَقِّ كُلُّ هُدَى الإلَهِ هُدَاكَا
فظهور الهمزتين يدلُّ على كونه من « النَّبَأ »، واستضعف بعض النحويين هذه القراءة، قال أبو علي :« قال سيبويه » : بلغنا أن قوماً من أهل التحقيق يحققون « نبيئاً وبريئة » قال : وهو رَدِيء، وإنما استردأه؛ لأن الغالب في استعماله التخفيف. وقال أبو عبيدة الجمهور الأعظم من القراء والعَوَامّ على إسقاط الهمز من النَّبِي والأَنْبِيَاء، وكذلك أكثر العرب مع حديث رويناه، فذكر أن رجلاً جاء إلى النبي ﷺ فقال :« يا نَبِيءَ الله » فهمز، فقال :« لَسْتُ بِنَبِيءِ الله » فهمز ولَكِنِّي نَبِيُّ اللهِ، ولم يهمز، فأ، كر عليه الهمز.
قال : وقال لي أبو عبيدة : العرب تبدل الهمزة في ثلاثة أحرف :« النبيّ والبَرية والخَابِية » وأصلهن الهَمْز.
قال أبو عبيدة : ومنها حرف رابع :« الذُّرِّيَّة » من ذَرأَ يَذْرَأ، ويدلّ عل أن الأصل الهمز قال سيبويه :[ إنهم ] كلّهم يقولون : تنبأ مُسَيْلمة فيهمزون.
وبهذا لا ينبغي أن ترد به قراءة هذا الإمام الكبير، أما الحديث فقد ضعفوه.
قال ابن عطيةك ومما يقوي ضعفه أنه لما أنشده العَبَّاس :[ الكامل ]
٥٤٦ يَا خَاتضمَ النُّبَآءِ............. ......................
لم ينكره، ولا فرق بين الجمع والواحد، ولكن هذا الحديث قد ذكره الحاكمك في « المستدرك » وقال : هو صحيح على شرط الشَّيخين، ولم يخرجاه.
فإذا كان كذلك فليلتمس للحديث تخريجٌ يكون جواباً عن قراءة نافع، على أنّ الَطْعِيٌ لا يُعَارَضُ بالظني، وإنما يذكر زيادة فائدة.
والجواب عن الحديث : أنّ أبا زيد حكى : نَبَأْتُ من أرض كذا إلى أرض كذا، أي : خرجت منها إليها فقوله :« يا نبيء الله » بالهمز يوهم يا طَرِيدَ الله الذي أخرجه من بلده إلى غيره، فَنَهَاه عن ذلك لإيهامه ما ذكرنا، لا لسبب يتعلّق بالقراءة.


الصفحة التالية
Icon