وقيل : سُمُّوا يهوداً ليملهم عن دين الإسلام، وعن دين موسى، فعلى هذا إنما سموا يهوداً بعد أنبيائهم.
وقال ابن الأعرابي : يقال : هَادَ : إذا رجع من خير إلى شَرّ، ومن شَرّ إلى خير، وسمي اليهود بذلك لتخليطهم، وكثرة انتقالهم من مذاهبهم، نقله النووي في « التهذيب » عن الوَاحِديّ.
وأنشد الطبري على « نَصْران » [ قول الشاعر ] :[ الطويل ]
٥٥٢ يَضَلُّ إذَا دَارَ العِشَا مُتَحَفِّناً | وَيُضْحِي لَدَيْهِ وَهْوَ نَصْرانُ شَامِسُ |
وقال الخليل :« واحد النصارى نَصْرِيّ، كمَهْرِيٍّ ومَهَارَى ».
وقال الزمخشريُّ : الياء في « نَصْرانِيّ » للمبالغة كالتي في « أحَمَرِيّ » و « نَصَارَى » نكرةٌ، ولذلك دخلت عليه آل، ووصف بالنكرة في قول الشاعر :[ البسيط ]
٥٥٣صَدَّتْ كَمَا صَدَّ عَمَّا لاَ يَحِلُّ لَهُ | سَاقِي نَصَارى قُبَيْلَ الفِصْحِ صُوَّامِ |
قال الجوهري : و « نَصْران » قررية ب « الشَّام » ينسب إليها النصارَى. أو لأنهم كانوا يتناصرون؛ قال الشاعر :[ الرجز ]
٥٥٤لَمَّا رَأَيْتُ نَبَاطاً أَنْصَارَا | شَمَّرْتُ عَنْ رُكْبَتي الإِزَارَا |
وقال أبو علي : صَبَأَتُ على القوم إذا طَرَأْتُ عليهم. فالصَّابىء : التَّارك لدينه، كالصَّابىء الطارىء على القوم، فإنه تارك لأرضهن ومنتقل عنها.
ومن لم يهمز فإنه يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مأخوذا من المهموز فَأَبْدَلَ من الهمزة حرف علّة إما ياء أو واواً، فصار من باب المنقوص مثل :« قاض أو غازٍ »، والأصل : صاب، ثم جمع كما يجمع القاضي أو الغازي، إلا أن سيبويه لا يرى قلب هذه الهمزة إلاَّ في الشعر، والأخفش وأبو زيد يريان ذلك مطلقاً.
الثَّاني : أنه من باب « صَبَا.. يَصْبُو » إذا مال، ولذلك كانت العرب يسمون النبي ﷺ صابئاً؛ لأنه أظهر ديناً خلاف أديانهم، فالصَّابي كالغازي أصله :« صَابِوُا » فأعلّ كإعلال غازٍ، وأسند أبو عبيد إلى ابن عباس :« ما الصَّابون إنا هي الصابئون، والخَاطُون إنما هي الخاطئون ». فقد اجتمع في قراءة نافع همز « النبيين »، وترك همز « الصابئين ».