[ وقد عُلم أنّ العكس فيهما أفصح ].
فصل في تفسير الصابئين
[ وللمفسرين في تفسير « الصَّابئين » أقوال ] :
فقال مُجَاهد والحسن : هم طائفة بين اليَهُود والمجوس لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم.
وقال السّدي : هم فرقة من أهل الكتاب [ وقاله إسحاق بن راهوية. قال ابن المنذر ] :
وقال إسْحَاق : لا بأس بذبائح الصابئين؛ لأنهم طائفة من أهل الكتاب.
وقال أبو حنيفة : لا بأس بذبائحهم، ومناكحة نسائهم.
وقال الخليل : هم قوم يشبه دينهم دين النَّصَارى، إلاَّ أن قبلتهم نحو مهبّ الجنوب، يزعمون أنهم على دين نوح عليه الصَّلاة والسَّلام. [ نقله ] القرطبي.
وقال قَتَادَةٌ : قوم يعبدون الملائكة، ويصلون إلى الشمس كل يوم خمس صلوات.
وقال أيضاً : الأديان خمسة أربعة للشَّيطان، وواحد للرحمن، وهم : الصابئون وهم يعبدون الملائكة، والمَجُوس يعبدون النَّار، والذين أشركوا يعبدون الأوثان، واليهود والنَّصَارى، وقال : قبيلة نحو « الشام » بين اليهود والنَّصَارى، والمجوس لا دين لهم، وكان مجاهد لا يراهم من أهل الكِتَابِ، وهو منقول عن أبي حنيفة.
وقال قتادة ومُقَاتل : هم قوم يقرون بالله تعالى، ويعبدون الملائكة، ويقرون بالزَّبُور، ويصلون إلى الكعبة أخذوا من كلّ دين شيئاً.
وقال [ الكلبي ] :« هم قوم بين اليهود والنَّصارى يحلقون أوساط رؤوسهم، ويجبُّون مذاكيرهم ». وقال عبدالعزيز بن يحيى : درجوا وانقرضوا.
وقيل : هم الكلدانيون الذين جاءهم إبراهيم علي الصَّلاة والسَّلام ردًّا عليهم ومبطلاً لقولهم، وكانوا يعبدون الكواكب.
قال ابن الخطيب : وهو الأقرب، ثم لهم قولان :
أحدهما : أنَّ الله خلق هذا العالم، وأمر بتعظيم هذه الكواكب واتخاذها قِبْلَةَ الصلاة، والدعاء والتعظيم.
والثاني : أن الله سبحانه وتعالى خلق الأفلاك والكواكب، وجعل الكواكب مدبرة لما في هذا العالم من الخير والشر، والصحة والمرض، فيجب على البشر تعظيمها؛ لأنها هي الآلهة المدبرة لهذا العالم.
قوله :﴿ مَنْ آمَنَ بالله واليوم الآخر وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾ آمن : صدق. و « من » في قوله :« مَنْ آمَنَ » في موضع نصب بدل من « الَّذِينَ آمَنُوا ». والفاء في قوله :« فَلَهُمْ » داخلة بسبب الإبهام الذي في « مَنْ ».
وقيل : ف يموضع رفع بالابتداء، ومعناها الشرط، و « آمن » في موضع جزم بالشرط، و « الفاء » جواب و « لَهُمْ أَجْرُهُمْ » خير « من » والجملة كلها خبر « إن »، والعائد على « الذين » محذوف تقديره : من آمن منهم بالله، وحمل الضمير على لفظ « مَنْ » فأفرد، وعلى المعنى في قوله :« فَلَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ » فجمع؛ كقوله :[ الطويل ]
٥٥٥أَلِمَّا بِسَلْمَى عَنْكُمَا إنْ عَرَضْتُمَا... وقُولاَ لَهَا : عُوجِي عَلَى مَنْ تَخَلَّفُوا
وقال الفرزدق :[ الطويل ]
٥٥٦تَعَالَ فِإنْ عَاهَدْتَنِي لاَ تَخْونُنِي | نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يَا ذِئْبُ يَصْطَحِبَانِ |