واللَّوْن عبارة عن الحُمْرة والسَّوَاد ونحوهما، واللَّوْن أيضاَ النَّوع، وهو الدَّقَل نوع من النخل.
قال الأَخْفَشُ :« هو جماعة واحدها لِينَة » وفلان يَتَلَوَّنُ، أي : لا يثبتُ على حال؛ قال الشاعر :[ الرمل ]

٥٨٠ كُلَّ يَوْمٍ تَتَلَوَّنْ غَيْرُ هَذَا بِكَ أَحْمَلُ
و « صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا » يجوز أن يكون « فاقع » صفة، و « لونها » فاعل به، وأن يكون خبراً مقدماً و « لونها » مبتدأ مؤخر، والجملة صفة ذكرهما أبو البقاء.
وفي الوجه الأول نظر، وذلك أن بعضهم ذكر أن هذه التوابع للألوان لا تعمل عمل الأفعال.
فإن قيل : يكون العمل ل « صفراء » لا ل « فاقع » كما تقول :« مررت برجل أبيض ناصع لونه » ف « لونه » مرفوع ب « أبيض » لا ب « ناصع ».
فالجواب : أن ذلك هاهنا ممنوع من جهة أخرى، وهو أن « صفراء » مؤنَث اللفظ، ولو كان رافعاً ل « لَوْنُها » لقيل : أصفر لونها، كما تقول : مررت بأمرأة أصفر لونها، ولا يجوز : صفراء لونها؛ لأن الصفة كالفعل، إلاَّ أن يقال : إنه لما أضيف إلى مؤنث اكتسب منه التأنيث، فعومل معاملته كما سيأتي.
ويجوز أن يكون « لونها » مبتدأ و « تَسُرُّ » خبره، وإنما أنث الفعل لاكتسابه بالإضافة معنى التأنيث؛ كقوله :[ الطويل ]
٥٨١ مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ أَعَالِيهَا مَرٌّ الرِّياحِ النَّوَاسِمِ
وقول الآخر :[ الطويل ]
٥٨٢ وَتَشْرَقُ [ بَالقَوْلِ ] الَّذِي قَدْ أَذَعْتَهُ كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ القَنَاةِ مِنَ الدَّم
أنّث فعل المَرِّ والصَّدْرِ لما أَضيفا لمؤنث، وقرىء :﴿ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السيارة ﴾ [ يوسف : ١٠ ].
وقيل : لأن المراد باللَّون هنا الصُّفرة، وهي مؤنّثة، فحمل على المعنى في ذلك، ويقال : أصفر فاقع، وأبيض ناصع، ويَقِقٌ ولَهِقٌ ولِهَاقٌ، وأخضر ناضر، وأحمر قانىء، وأسود حالك وحائك وَحُلْكُوك، ودَجُوجِيٌّ وغِرْبِيبُ، وبَهِيم.
وقيل :« البهيم الخالص من كل لون ».
وبهذا يظهر أن « صفراء » على بابها من اللون المعروف لا سَوْدَاء كما قاله بعضهم : فإن الفُقُوع من صفة الأصفر خاصّة، وأيضاً فإنه مجاز بعدي، ولا يستعمل ذلك إلا في الإبل لِقُرْبِ سوادها من الصّفرة، كقوله تعالى :﴿ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ﴾ [ المرسلات : ٣٣ ] وقال [ الخفيف ]
٥٨٣تِلْكَ خَيْلِي مِنْهُ وتِلْكَ رِكَابِي هُنَّ صُفْرٌ أَوْلاَدُهَا كَالزَّبِيبِ
فإن قيل : هلاّ قيل : صفراء فاقعة؟ وأي فائدة في ذلك اللون؟
فالجواب : فائدته التأكيد؛ لأن اللون اسم للهَيْئَةِ، وهي الصّفرة، فكأنه قال : شديدة الصفرة صفرتها فهو من قولك : جدّ جدّه.
وعن وهب : إذا نظرت إليها خُيِّل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جِلْدِهَا، فمعنى قوله :« تَسُرُّ النَّاظِرينَ » أي : يعجبهم حسنها وصَفَاءُ لونها، لأن العين تسر بالنظر إلى الشيء الحسن.


الصفحة التالية
Icon