﴿ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾ [ الحاقة : ٧ ] فَأَنَّث، و ﴿ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ﴾ [ القمر : ٢٠ ] فذكر، وقيل : ذكر الفعل لتذكير لفظ « البقرة » ؛ كقوله :﴿ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ﴾.
وقال المبرِّد : سئل سِيبَوَيْهِ عن هذه الآية، فقال :« كل جمع حروفه أقل من حروف وَاحِده، فإن العرب تذكره » ؛ واحتج بقول الأعشى :[ البسيط ]
٥٨٥ وَدِّعْ هُرَيْرَةَ إنَّ الرَّكْبَ مُرْتَحِلْ | [ وَهَلْ تُطِيقُ وَدَاعاً أيُّهَا الرَّجُلُ ] |
وفي « تشابه » قراءاتك « تَشَابَهَ » بتخفيف الشين وفتح الباء والهاء، وهي قراءة العامة. و « تَتَشَابَه » بتاءين على الأصل.
و « تَشَّبَّه » بتشديد الشين والباء من غير ألف، والأصل : تَتَشَبَّهُ.
و « تَشَابَهَتْ » على وزن « تَفَاعلت » وهو في مصحف أُبَيّ كذلك أَنّثه لتأنيث البقرة.
و « مُتَشَابِهَة » و « مُتَشَبِّهة » على اسم الفاعل من تشابه وتشبّه. وقرىء :« تَشَبَّهَ » ماضياً.
وقرأ ابن أبي إسحاق :« تَشَّابَهَتْ » بتشديد الشين، قال أبو حاتم : هذا غلط، لأن التاء في هذا الباب لا تدغم إلاّ في المضارع.. وهو معذور في ذلك.
وقرىء :« تَشَّابَهَ » كذلك، إلاّ أنه بطرح تاء التأنيث، ووجهها على إشكالها أن يكون الأصل : إن القرة تشابهت، فالتاء الأولى من البقرة و [ التاء ] الثانية من الفعل، فلما اجتمع مثلان أدغم نحو : الشجرة تمايلت، إلاّ أنه يُشكِل أيضاً في تَشَّابَه من غير تاء؛ لأنه كان يجب ثبوت علامة التأنيث.
وجوابه : أنه مثل :[ المتقارب ]
٥٨٦................... | وَلاَ أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا |
وقرأ الحسنك « تَشَابَهُ » بتاء مفتوحة وهاء مضمومة وتخفيف الشين أراد : تتشابه.
وقرأ الأعرج :« تَشَّابَهُ » بفتح التاء وتشديد الشين وضمّ الهاء على معنى : تتشابه.
وقرأ مجاهد :« تَشَّبَّه » كقراءة الأعرج، إلا أنه بغير ألف. ومعنى الآية :[ التلبيس ] والتشبه.
قيل : إنما قالوا :« إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا » أي : اشتبه أمره علينا، فلا نهتدي إليه؛ لأن وجوه البقر [ تتشابه ] يريد : أنها يشبه بعضها بعضاً، ووجوه البقر تتشابه.
قوله :﴿ إِن شَآءَ الله ﴾ هذا شرط جوابه محذوف لدلالة « إنْ »، ما في حيّزها عليه، والتقدير : إن شاء الله هِدَايتنا للبقرة، اهتدينا، ولكنهم أخرجوه في جملة اسمية مؤكدة بحرفي تأكيد مبالغة في طلب الهِدَاية، واعترضوا بالشرط تيمُّناً بمشيئة الله تعالى. « المهتدون » اللام : لام الابتداء داخلة على خبر « إن ».
وقال أبو البقاء : جواب الشرط « إن » وما عملت فيه عند سيبويه.
وجاز ذلك لما كان الشرط متوسطاً، وخبر « إنَّ » هو جواب الشرط في المعنى، وقد وقع بعده، فصار التقدير : إن شاء الله هدايتنا اهتدينا.
وهذا الذي قاله لا يجوز، فإنه متى وقع جواب الشرط ما لا يصلح أن يكون شرطاً وجب اقترانه بالفَاءِ، وهذه الجملة لا تصلح أن تقع شرطاً، فلو كانت جواباً لزمتها الفاء، ولا تحذف إلا ضرورة، ولا جائز أن يريد أبو البقاء أنه دالّ على الجواب، وسماه جواباً مجازاً؛ لأنه جعل ذلك مذهباً للمبرد مقابلاً لمذهب سيبويه فقال : وقال المبرد : والجواب محذوف دلت عليه الجملة؛ لأن الشرط معترض، فالنية به التأخير، فيصير كقولك : أنت ظالم إن فعلت.