﴿ في أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ﴾ [ البقرة : ٢٠٣ ]، و ﴿ في أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ ﴾ [ الحج : ٢٨ ].
فصل في مدة الحيض
ذهب الحنفيّة إلى أنّ أقل الحَيْض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة، واحتجوا بقوله ﷺ :« دَعِي الصَّلاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ » فمدّة الحيض تسمى أياماً، وأقلّ عدد يسمى أياماً ثلاثة، وأكثره عشرة على ما بَيّنا، وعليه الإشكال المتقدم.
قوله :« أَتَّخَذْتُمْ » الهمزة للاستفهام، ومعناها الإنكار والتَّقْريع، وبها استغني عن همزة الوصل الدّاخلة على « أتخذتم » كقوله :﴿ أفترى عَلَى الله ﴾ [ سبأ : ٨ ] ﴿ أَصْطَفَى ﴾ [ الصافات : ١٥٣ ] وبابه. وقد تقدم القول في تصريف « أتَّخَذْتُمْ » وخلاف أبي علي فيها.
ويحتمل أن تكون هنا لواحد.
وقال أبو البقاء : وهو بمعنى « جَعَلتم » المتعدية لواحد.
ولا حاجة إلى جعلها بمعنى « جعل » لتعديها لواحد، بل المعنى : هلأ أخذتم من الله عهداً؟ ويُحتمل أن يتعدّى لاثنين، الأول « عهد »، والثاني « عند الله » مقدماً عليه، فعلى الأول يتعلّق « عند الله » ب « اتَّخَذْتُمْ ».
وعلى الثاني يتعلّق بمحذوف.
ويجوز نقل حركة همزة الاستفهام إلى لام « قل » قبلها، فتفتح وتحذف الهمزة. وهي لغة مطّردة قرأ بها نافع في رواية وَرْش عنه.
قوله :« فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ » هذا جواب الاستفهام المقتدم في قوله :« أتَّخَذْتُمْ ».
وهل هذا بطريق تضمين الاستفهام معنى الشرط، أو بطريق إضمار الشَّرط بعد الاستفهام وأخواته؟
قولان [ تقدم تحقيقها ] واختار الزمخشري القول الثاني، فإنه قال :« فَلَنْ يُخْلِفَ » متعلّق بمحذوف تقديره : إن اتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده.
وقال ابن عطيةك « فلن يخلف الله عَهْده : اعتراض بين أثناء الكلام » كأنه يعني بذلك أن قوله :« أم تقولون » مُعَادل لقوله :« أتخذتم » فوقعت هذه الجملة بين المتعادلين مُعْترضة، والتقدير أيّ هذين واقع اتخاذكم العهد أم قولكم بغير علم؟ فعلى هذا لا محلّ لها من الإعراب، وعلى الأول محلها الجزم.
قوله :« أَمْ تَقُولُونَ » « أم » هذه يجوز فيها وجهان :
أحدهماك أن تكون متّصلة، فتكون للمعادلة بين الشيئين، أي : أيّ هذين واقع، وأخرجه مُخْرج المتردّد فيه، وإن كان قد علم وقوع أحدهما، وهو قولهم على الله مالا يعلمون للتقرير، ونظيره :﴿ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ [ سبأ : ٢٤ ] علم أيهما على هدى، وأيهما في ضلال، وقد عرف شروط المتصلة أول السورة.
ويجوز أن تكون منقطعة، فتكون غير عاطفة، وتقدر ب « بل » والهمزة، والتقدير : بل أتقولون، ويكون الاستفهام للإنكار؛ لأنه قد وقع القول منهم بذلك، هذا هو المشهور في « أم » المنقطعة، وزعم جماعهة أنها تقدر ب « بل » وحدها دون همزة استفهام، فيعطف ما بعدها [ على ما قبلها ] في الإعراب؛ واستدّل عليه بقولهم :« إن لنا إبلاً أَمْ شَاءً » بنصب « شَاءً » وقول الآخر :[ الطويل ]