وقيل : يدخل الكلّ.
قال الشافعي : يرتقي إلى أقرب جدّ ينسب هو إليه ويعرف به، وإن كان كافراً.
وذكر أصحابه في مثاله : لو أنه أوصى لأقارب الشافعي، فإنا نصرفه إلى بني شَافعٍ دون بني المطّلب، وبني عبد مناف، وإن كانوا أقارب؛ لأنّ الشّافعي ينتسب في المشهور إلى بني شافع دون عبد مَنَاف.
قال الغَزَالي : وهذا في زمان الشَّافعي، أما في زماننا فلا ينصرف إلاَّ إلى أولاد الشافعي ولا يرتقي إلى بني شافع؛ لأنّه أقرب من يعرف به أقاربه في زماننا، أما قرابة الأم، فإنها تدخل في وصيّة العجم، ولا تدخل في وصيّة العرب الأَظْهر؛ لأنهم لا يعدون ذلك قَرَابةً أما لو قال : لأرحام فلان دخل قَرَابَة الأب والأم.
قوله :« وَاليَتَامَى » وزنه « فَعَالى »، وألفه للتأنيث، وهو جمع « يتيم » ك « نديم ونَدَامى » ولا ينقاس هذا الجمع.
وقال ابن الخطيب : جمعه « أَيْتَام ويتامى » واليُتْم : الانفراد، ومنه اليتيم؛ لانفراده عن أبويه أو أحدهما، ودرة يتيمة : إذا لم يكن لها نظير.
وقيل : اليَتَيم : الإبطاء، ومنه : صبي يتيم؛ لأنه يبطىء عنه البرّ وقيل : هو التغافل، لأن الصبيّ يتغافل عما يصلحه.
قال الأَصْمَعيّ :« اليتيم في الآدميين من فَقَدَ الآباء، وفي غيرهم من فقد الأمّهات ».
وقال المَاوَرْدِي : إن اليتم أيضاً في الناس من قبل فقد الأمهات.
والأول هو المعروف عند أهل اللغة، ويسمى يتيماً إلى أن يبلغ، يقال : يَتِمَ يَيْتَم يَتْماً مثل : سَمِعَ يَسْمعُ سَمْعاً ويَتُمَ يَيْتُم يُتْماً مثل : عَظُمَ يَعْظُم عُظْماً، فهاتان لُغَتان مشهورتان حكاهما الفرَّاء، ويقال : أيتمه الله إيتاماً، أي : فعل به ذلك.
وعلامة الجَرّ في « القربى » و « اليَتَامى » كسرة مقدرة على الألف، وإن كانت للتأنيث؛ لأنَّ ما لا ينصرف إذا أضيف أو دخلته « أل » انجزّ بالكسرة، وهل يسمّى حينئذ منجرّاً أو منصرفاً.
ثلاثة أقوال، يفصل في الثالث بين أن يكون أحدَ سببيه العلمية، فيسمى منصرفاً نحو :« يَعْمُرُكُمْ » أو لا يسمى منجراً نحو :« بالأحمر »، و « القربى واليتامى » من هذا الأخير.

فصل في رعاية اليتيم


[ اليتيم كالتالي ] لرعاية حقوق الأقارب؛ لأنه لصغره لا ينتفع به وليتمه وخلوه عمن يقوم به يحتاج إلى من ينفعه، والإنسان قلّما يرغب في صُحبة مثل هذا، وإن كان هذا التكليف شاقّاً على الأنفس لا جَرَمَ كانت درجته عظيمةً في الدين.
قال ﷺ :« أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيْمِ كَهَاتَيْنِ فِي الجَنَّةِ » وأشار بالسَّبَّابة والوسطى. وقال عله الصلاة والسلام :[ « مَا قَعَدَ يَتِيْم مع قَوْم عَلَى قَصْعَتِهِمْ فَيقرب قَصْعَتَهُمُ الشَّيْطَانُ » وقال عليه السلام ] :« مَنْ ضَمَّ يَتِيْماً مِنْ بَيْنِ المُسْلِميْنَ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يُغْنِيَهُ اللهًُ عَزَّ وَجَلَّ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ أَلْبَتَّةَ إِلاَّ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلاً لاَ يُغْفَرُ ».


الصفحة التالية
Icon