وأما « حُسْنَى » بغير تنوين فمصدر ك « البُشْرَى والرُّجْعَى ».
وقال النحاس في هذه القراءة : ولا يجوز هذا في العربية، لا يقال من هذا شيء إلا بالألف واللام، نحو : الكُبْرَى والفُضْلى. هذا قول سيبويه، وتابعه ابن عطية على هذا، فإنه قال : ورده سيبويه؛ لأن « أفعل » و « فعلى » لا يجيء إلا معرفة إلاَّ أن يزال عنها معنى التَّفضيل، ويبقى مصدراً ك « العُقْبى »، فذلك جائز، وهو وجه القراءة بها. انتهى وناقشه أبو حيان وقال : في كلامه ارْتباك؛ لأنه قال : لأن « أفعل » و « فعلى » لا يجيء إلا معرفة، وهذا ليس بصحيح.
أما « أَفْعل » فله ثلاثة استعمالات.
أحدها : أن يكون معها « مِنْ » ظاهرة أو مقدرة، أو مضافاً إلى نكرة، ولا يتعرف في هذين بحال.
الثاني : أن تدخل عليه « أل » فيتعرف بها.
الثالث : أن يضاف إلى معرفة فيتعرف على الصحيح.
وأما « فُعْلى » فلها استعمالان :
أحدهما : بالألف واللام.
والثاني : الإضافة لمعرفة، وفيها الخلاف السابق.
وقوله :« إلا أن يزال عنها معنى التفضيل، وتبقى مصدراً » ظاهر هذا أن « فُعْلى » أنثى « أفعل » إذا زال عنها معنى التفضيل تبقى مصدراً وليس كذلك، بل إذا زال عن « فعلى » أنثى « أفعل » معنى التفضيل صارت بمنزلة الصفة التي لا تفضيل فيها؛ ألا ترى إلى تأويلهم « كُبْرى » بمعنى كبيرة، « وصُغْرى » بمعنى صغيرة، وأيضاً فإن « فعلى » مصدر لا يَنْقَاسُ، إنما جاءت منها الألفاظ ك « العُقْبَى والبُشْرَى » ثم أجاب الشيخ عن هذا الثاني بما معناه أن الضمير في قوله :« عنها » عائد إلى « حسنى » لا إلى « فعلى » أنثى « أفعل »، ويكون استثناء منقطعاً كأنه قال : إلا أن يزال عن « حسنى » التي قرأ بها أُبَيّ معنى التفضيل، ويصير المعنى : إلا أن يُعْتقد أن « حسنى » مصدر لا أنثى « أفعل ».
وقوله :« وهو وجه القراءة بها » أي والمصدر وجه القراءة بها. وتخريج هذه القراءة على وجهين :
أحدهما : المصدر ك « البُشْرى » وفيه الأوجه المتقدمة في « حسناً » مصدراً، إلا أنه يحتاج إلى إثبات « حُسْنى » مصدراً من قول العرب : حَسُن حُسْنَى، كقولهم : رَجَع رُجْعَى، إذا مجيء « فُعْلى » مصدراً لا يَنْقَاسُ.
والوجه الثاني : أن تكون صفةً لموصوف محذوف، أي : وقولوا للناس كلمةً حُسْنَى، أو مقالةً حسنى، وفي الوصف بها حينئذ وجهان :
أحدهما : أن تكون للتفضيل، ويكون قد شَذَّ استعمالها غير معرفة ب « ألْ »، ولا مضافة إلى معرفة، كما شذَّ قوله :[ البسيط ]


الصفحة التالية