« إنَّ »، واسمها معرب ومبني :
فيبنى إذا كان مفرداً نكرة على ما كان ينصب به، وسبب بنائه تضمنّه معنى الحرف، وهو « من » الاسْتِغْرَاقِيَّة يدلّ عليه ظهورها في قول الشاعر :[ الطويل ]

١٠٦- فَقَامَ يَذُودُ النَّاسَ عَنْهَا بِسَيْفِهِ فَقَالَ إلاَ لاَ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى هِنْدِ
وقيل : بني لتركُّبه معها تركيب خمسةَ عَشَرَ، وهو فاسد وبيانه في غير هذا الكتاب. وزعم الزَّجَّاج أن حركة « لاَ رَجُلَ » ونَحْوِه حركة إعراب، وإنما حذف التنوين تخفيفاً، ويدل على ذلك الرجوع إلى هذا الأصل كقوله :[ الوافر ]
١٠٧- ألاَ رَجُلاً جَزَاهُ اللهُ خَيْراً يَدُلُّ عَلَى مُحضصِّلَةٍ تَبِيتُ
ولا دليل له لأن التقدير : إَلاَ تَرَونَنِي رَجُلاً؟
فإن لم يكن مفرداً -وأعني به المضاف والشبيه به- أُعْرِبَ نَصْباً نحو : طلا خيراً من زيد «، ولا عمل لها في المعرفة ألبتة، وأما نحو قوله :[ الطويل ]
١٠٨- تُبَكِّي عَلَى زَيْدٍ ولاَ زَيْدَ مِثْلُهُ بَرِيءٌ مِنَ الحُمَّى سَلِيمُ الجَوَانِحِ
وقول الآخر :[ الوافر ]
١٠٩- أَرَى الْحَاجَاتِ عَنْدَ أَبِي خُبَيْبٍ نَكِدْنَ وَلاَ أُمَيَّةَ فِي البِلاَدِ
وقول الآخر :[ الرجز ]
١١٠- لاَ هَيْثَمَ اللَّيْلَةَ لِلْمَطِيِّ... وقوله عليه الصَّلاة والسَّلام :»
لا قُرَيْشَ بعد اليَوْمِ، إذا هلك كِسْرَى، فلا كسرى بَعْدَه « فمؤوَّل.
و »
رَيْبَ « اسمها، وخبرها يجوز أن يكون الجار والمجرور وهو » فيه « إلاّ أن بني » تميم « لا تكاد تذكر خبرها، فالأولى أن يكون محذوفاً تقديره : لا ريب كائن، ويكون الوَقْفُ على » ريب « حينئذ تامَّا، وقد يحذف اسمها ويبقى خبرها، قالوا :» لا عليك « أي : لا بأس عليك.
ومذهب سيبويه رحمه الله : أنها واسمها في مَحَلّ رفع بالابتداء، ولا عمل لها في الخبر.
ومذهب الأخفش : أن اسمها في مَحَلّ رفع، وهي عاملة في الخبر.
ولها أحكامٌ كثيرة، وتقسيمات منتشرة مذكورة في كتب النحو.
واعلم أن »
لا « لفظ مُشْتَرَك بين النَّفي، وهي فيه على قسمين :
قسم تنفي فيه الجنس فتعمل عمل إنَّ كما تقدم، وقسم تنفي فيه الوحدة، وتعمل حينئذ عمل »
ليس «، ولها قسم آخر، وهو النهي والدُّعاء فتجزم فعلاً واحداً، وقد تجيء زيادة كما تقدم في قوله :﴿ وَلاَ الضآلين ﴾ [ الفاتحة : ٧ ].
و »
الرَّيْب « : الشّك مع تهمة؛ قال في ذلك :[ الخفيف ]
١١١- لَيْسَ فِي الْحَقِّ يَا أُمَيْمَةُ رَيْبٌ إِنَّمَا الرَّيْبُ مَا يَقُولُ الكَذُوبُ
وحقيقته على ما قال الزَّمخشري :»
قلق النفس واضطرابها «.
ومنه الحديث :»
دَعْ ما يُرِيبُكَ إلى ما يُرِيبك «.
ومنه أنه مَرّ بظبي خائفٍ فقال :»
لاَ يُرِبهُ أَحَدق بشيءٍ «.
فليس قول من قال :»
الرَّيب الشك مطلقاً « بجيّد، بل هو أخصّ من الشَّك كما تقدم.
وقال بعضهم : في »
الرّيب « ثلاثة معانٍ :
أحدها : الشّك؛ قال ابن الزِّبَعْرَى :[ الخفيف ]


الصفحة التالية
Icon