الخامس : بمعنى « الرشاد » قال تعالى :﴿ واهدنآ إلى سَوَآءِ الصراط ﴾ [ ص : ٢٢ ] أي أرشدنا.
وقوله :﴿ عسى ربي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السبيل ﴾ [ القصص : ٢٢ ].
وقوله تعالى :﴿ اهدنا الصراط ﴾ [ الفاتحة : ٦ ].
السادس : بمعنى :« القرآن » قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الهدى ﴾ [ النجم : ٢٣ ] أي : القرآن.
السابع : بمعنى : بعثة النبي - ﷺ - قال تبارك وتعالى :﴿ وَإِنَّكَ لتهدي ﴾ [ الشورى : ٥٢ ].
الثامن : بمعنى « شرح الصدور » قال تعالى :﴿ فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ﴾ [ الأنعام : ١٢٥ ].
التاسع : التوراة، قال تبارك وتعالى :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الهدى ﴾ [ غافر : ٥٣ ] يعني : التوراة.
العاشر :« الجنة » قال تعالى :﴿ إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ ﴾ [ يونس : ٩ ] أي : يدخلهم الجنة.
الحادي عشر :« حج البيت » قال تعالى :﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [ آل عمران : ٩٦ ] أي الحج.
الثاني عشر :« التوبة » قال تعالى :﴿ وَأَنَّ الله لاَ يَهْدِي كَيْدَ الخائنين ﴾ [ يوسف : ٥٢ ] أي : لا يصلح.
الثالث عشر :« التوبة » قال تعالى :﴿ إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ ﴾ [ الأعراف : ١٥٦ ] أي : تُبْنَا ورجعنا.
فصل في المقصود بالهدى
قال ابن الخطيب « رضي الله تعالى عنه » : الهُدَى عبارة عن الدلالة.
وقال صاحب « الكشاف » : الهدى هو الدلالة الموصّلة للبغية.
وقال آخرون : الهدى هو الاهتداء والعلم والدليل على صحة الأول أنه لو كان كونه الدلالة موصلة إلى البغية معتبراً في مسمى الهدى لامتنع حصول الهدى عند عدم الاهتداء؛ لأن كون الدلالة موصلة إلى الاهتداء حال عدم الاهتداء مُحَال، وقد ثبت الهدى على عدم حال الاهتداء قال الله تعالى :﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فاستحبوا العمى عَلَى الهدى ﴾ [ فصلت : ١٧ ] أثبت الهدى مع عدم الاهتداء. واحتج صاحب « الكشَّاف » بأمور ثلاثة :
[ أوّلها ] : وقوع الضلالة في مُقَابلة الهدى، قال تعالى :﴿ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ﴾ [ البقرة : ١٦ ]، وقال تعالى :﴿ قُلِ الله وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ [ سبأ : ٢٤ ].
وثانيها : يقال : مهديّ في موضع المدح كالمهتدي، فلو لم يكن من شرط الهدى كَوْن الدلالة موصلة إلى البغية لم يكن الوصف بكونه مهدياً مدحاً؛ لاحتمال أنه هدي، فلم يَهْتَدِ.
وثالثها : أن « اهتدى » مطاوع « هَدَى » يقال : هَدَيْتُه فَاهْتَدَى، كما يقال : كسرته فانكسر، وقطعته فانقطع، فكنا أن الانكسار والانقطاع لَزِمَانِ للكسر والقطع، وجب أن يكون الاهتداء من لوازم « الهدى ».
والجواب عن الأوَّلِ : أن الفرق بين الهدى والاهتداء معلوم بالضرورة، فمقابل « الهدى » هو « الإضلال » ومقابل « الاهتداء » هو « الضلال » فجعل « الهدى » في مقابلة « الضلال » ممتنع. وعن الثاني : المنتفع بالهدى سمي مهدياً؛ لأن الوسيلة إذا لم تُفْضِ إلى المقصود كانت نازلة منزلة المعدوم.
وعن الثالث : أن الائتمار مُطَاع الأمر يقال : أمرته فائتمر، ولم يلزم منه أن يكون من شرط كونه أمراً حصول الائتمار، وكذا لا يلزم من كونه هذه أن يكون مفضياً إلى الاهتداء، على أنه معارض بقوله : هديته فلم يهتد.