« أولئك » مبتدأ، خبره الجار والمجرور بعده أي : كائنون على هُدًى، وهذه الجملة : إما مستأنفة، وإما خبر عن قوله : الذي يؤمنون إما الأولى وإما الثانية، ويجوز أن يكون « أولئك » وحده خبراً عن « الذين يؤمنون » أيضاً إما الأولى أو الثانية، ويكون « على هُدًى » في هذا الوجه في محلّ نصب على الحال، هذا كله إذا أعربنا « الذين يؤمنون » مبتدأ أما إذا جعلناه غير مبتدأ، فلا يخفى حكمه مما تقدم.
ويجوز أن يكون « الذين يؤمنون » مبتدأ و « أولئك » بدل أو بَيَان، و « على هدى » الخبر. و « أولئك » : اسم إشارة يشترك فيه جماعة الذُّكور والإناث، وهو مبني على الكَسْرِ؛ لشبهة بالحرف في الافتقار.
وقيل :« أولاء » كلمة معناها الكناية عن جماعة نحو :« هم » و « الكاف » للخطاب، كما في حرف « ذلك »، وفيه لغتان : المد والقصر : ولكن الممدود للبعيد، وقد يقال :« أولالك » قال :[ الطويل ]
١٣٦- أُولاَلِكَ قَوْمِي لَمْ يَكُونُوا أُشَابَةَ | وَهَلْ يَعِظُ الضِّلِّيلَ إِلاَّ أُولاَلِكَا |
قيل : للفرق بينها وبين « إليك ».
و « الهدى » الرشد والبيان والبَصِيرة.
و « مِنْ رَبِّهِمْ » في محل جر صفة ل « هدى » و « مِنْ » لابتداء الغاية، ونكر « هدى » ليفيد إبهامه التَّعظيم كقوله :[ الطويل ]
١٣٧- فَلاَ وَأَبِي الطَّيْرَ الْمُرِبَّةِ بِالضُّحَى | عَلَى خَالِدٍ لَقَدْ وَقَعْتُ عَلَى لَحْمِ |
وفائدة الفصل : الفرق بين الخبر والتابع، ولهذا سمي فصلاً، ويفيد -أيضاً- التوكيد.
قال ابن الخطيب : يفيد فائدتين :
إحداهما : الدلالة على أن « الوارد » بعده خبر لا صفة.
والثاني : حصر الخبر في المبتدأ، فإنك لو قلت لإنسان ضاحك فهذا لا يفيد أن الضاحكية لا تحصل إلاّ في الإنسان.
وقد تقدم أنه يجوز أن يكون « أولئك » الأولى، أو الثاّنية خبراً عن « الذين يؤمنون »، وتقدم تضعيف هذين القولين. وكرر « أولئك » تنبيهاً على أنهم كما ثبت لهم الأثرة بالهدى ثبت لهم بالفلاح، فجعلت كل واحدة من الإُثْرَتَيْنِ في تميزهم بها عن غيرهم بمثابة لو انفردت لكانت مميزة عن حدّها، وجاء هنا بالواو بين جملة قوله تعالى :