الثاني : بمعنى الجُحُود قال تعالى :﴿ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ ﴾ [ البقرة : ٨٩ ].
الثالث : بمعنى كفر النّعمة، قال تعالى :﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ ﴾ [ إبراهيم : ٧ ] أي : بالنعمة، ومثله :﴿ واشكروا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ﴾ [ البقرة : ١٥٢ ] وقال تعالى :﴿ أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ﴾ [ النمل : ٤٠ ].
الرابع : البراءة، قال تعالى :﴿ إِنَّا بُرَءآؤاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله كَفَرْنَا بِكُمْ ﴾ [ الممتحنة : ٤ ] أي : تبرأنا منكم، وقوله :﴿ ثُمَّ يَوْمَ القيامة يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ﴾ [ العنكبوت : ٢٥ ].
و « سواء » اسم معنى الاستواء، فهو اسم مصدر، ويوصف على أنه بمعنى مستوٍ، فيحتمل حينئذٍ ضميراً، ويرفع الظاهر، ومنه قولهم :« مررت برجل سواء والعدم » برفع « العدم » على أنه معطوفٌ على الضمير المستكنّ في « سواء »، وشذ عدم بمعنى :« مثل »، تقول :« هما سِيّان » بمعنى : مِثْلان، قال :[ البسيط ]

١٤٩- مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللهُ يَشْكُرُهَا وَالشَّرُّ بِالشَّرِّ عِنْدَ اللهِ سِيَّانِ
على أنه قد حكي سواءان. وقال الشاعر :[ الطويل ]
١٥٠- وَلَيْلٌ تَقُولُ النَّاسُ فِي ظُلُماتهِ سَوَاءٌ صَحِيحَاتً العُيُونِ وَعُورُهَا
ف « سواء » خبر عن جمع هو « صحيحات »، وأصله : العدل؛ قال زهير :[ الوافر ]
١٥١- أَرُونَا سُبَّةً لا عَيْبَ فِيهَا يُسَوِّي بِيْنَنَا فِيهَا السَّوَاءُ
أي : يعدل بيننا العدل. وليس هو الظرف الذي يستثنى به في قولك :« قاموا سواء زيد » وإن شاركه لفظاً.
ونقل ابن عطية عن الفارسي فيه اللغات الأربع المشهورة في « سوى » المستثنى به، وهذا عجيب فإن هذه اللغات في الظرف لا في « سواء » الذي بمعنى الاستواء.
وأكثر ما تجيئ بعده الجملة المصدرية بالهمزة المُعَادلة ب « أم » كهذه الآية، وقد تحذف للدلالة كقوله تعالى :﴿ فاصبروا أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ ﴾ [ الطور : ١٦ ] أي : أصبرتم أم لم تصبروا، وقد يليه اسم الاستفهام معمولاً لما بعده كقول علقمة :[ الطويل ]
١٥٢- سَوَاءٌ عَلَيْهِ أَيَّ حِينٍ أَتَيْتَهُ أَسَاعَةَ نَحْسٍ تُتَّقَى أَمْ بأَسْعَدِ
ف « أي حين » منصوب ب « أتيته »، وقد يعرى عن الاستفهام، وهو الأصل؛ نحو :[ الطويل ]
١٥٣-................. سَوِاءٌ صَحِيْحاتُ العُيُونِ وَعُورُهَا
فصل في استعمالات « سواء »
وقد ورد لفظ « سواء » على وجوه :
الأول : بمعنى : الاستواء كهذه الآية.
الثاني : بمعنى : العَدْل، قال تعالى :﴿ إلى كَلَمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ﴾ [ آل عمران : ٦٤ ] أي : عدل؛ ومثله :﴿ سَوَآءَ السبيل ﴾ [ الممتحنة : ١ ] أي : عدل الطريق.
الثالث : بمعنى : وسط، قال تعالى :﴿ فِي سَوَآءِ الجحيم ﴾ [ الصافات : ٥٥ ] أي : وسط الجحيم.
الرابع : بمعنى : البَيَان؛ قال تعالى :﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَآءٍ ﴾ [ الأنفال : ٥٨ ] أي : على بيان.
الخامس : بمعنى : شرع، قال تعالى :﴿ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً ﴾ [ النساء : ٨٩ ] يعني : شرعاً.
السادس : بمعنى : قصد، قال تعالى :﴿ عسى ربي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السبيل ﴾ [ القصص : ٢٢ ] أي : قصد الطريق. و « الإنذار » : التخويف.
وقال بعضهم : هو الإبلاغ، ولا يكاد يكون إلاَّ في تخويف يسع زمانه الاحتراز، فإن لم يسع زمانه الاحتراز، فهو إشعار لا إنذار؛ قال :[ الكامل ]


الصفحة التالية
Icon