و « زاد » يستعمل لازماً ومتعدياً لاثنين ثانيهما غير الأول ك « أَعْطَى وكَسَا »، فيجوز حذف مفعوليه، وأحدهما اختصاراً واقتصاراً، تقول :« زاد المال » فهذا لازم، و « زدت زيداً أجراً » ومنه :﴿ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ [ الكهف : ١٣ ]، ﴿ فَزَادَهُمُ الله مَرَضاً ﴾ [ البقرة : ١٠ ] و « ودت زيداً » ولا تذكر ما زدته، و « زدت مالاً » ولا تذكر من زدته.
وألف « زاد » منقلبة عن ياء؛ لقولهم :« يزيد ».
وقرأ ابن عامر وحمزة :« فزادهم » بالإمالة.
وزاد حمزة « زاد » حيث وقع، و ﴿ زَاغَ ﴾ [ النجم : ١٧ ] ﴿ وَخَابَ ﴾ [ إبراهيم : ١٥ ]، و ﴿ طَابَ ﴾ [ النساء : ٣ ]، و « حَاقَ » [ الأنعام : ١٠ ]، والآخرون لا يميلونها.

فصل في أوجه ورود لفظ المرض


ورد لفظ « المرض » على أربعة أوجه :
الأول : الشّك كهذه الآية.
الثاني : الزِّنَا قال تعالى :﴿ فَيَطْمَعَ الذي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ [ الأحزاب : ٣٢ ].
الثالث : الحَرَجُ قال تعالى :﴿ أَوْ كُنتُمْ مرضى أَن تضعوا أَسْلِحَتَكُمْ ﴾ [ النساء : ١٠٢ ].
الرابع : المرض بعينه.
قوله :﴿ وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ نظيره قوله تعالى :﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ ﴾ [ البقرة : ٧ ] وقد تقدّم. و « أليم » هنا بمعنى : مُؤْلِم، كقوله :[ الوافر ]
١٨٩- ونَرْفَعُ مِنْ صُدُورِ شَمَرْدَلاَتِ يَصُكُّ وُجُوهَهَا وَهَجٌ أَلِيمُ
ويجمع على « فُعَلاَء » ك :« شريف وشرفاء »، و « أفْعَال » مثل :« شريف وأشراف »، ويجوز أن يكون « فعيل » : هُنَا للمُبَالغة محولاً من « فَعِل » بكسر العَيْنِ، وعلى هذا تكون نسبة الألم إلى العَذّابِ مجازاً، لأنّ الألم حلّ بمن وقع به العذاب لا بالعذاب، فهو نظير قولهم :« شِعْرٌ شَاعِر ».
و ﴿ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ متعلّق بالاستقرار المقدر في « لهم »، أي : استقر لهم عَذَابٌ أليم بسبب تكذيبهم. و « ما » يجوز أن تكون مصدرية، أي : بكونهم يكذبون، وهذا على القول بأن ل « كان » مصدراً، وهو الصحيح عند بعضهم للتصريح به في قول الشاعر :[ الطويل ]
١٩٠- بِبَذْلٍ وَحِلْمٍ سَادَ في قوْمِهِ الفَتَى وَكَوْنُكَ إِيَّاهُ عَلَيْكَ يَسِيرُ
فقد صَرّح بالكون، ولا جائز أن يكون مصدر « كان » التَّامة لنصبه الخبر بعدها، وهو « إياه » على أنَّ للنظر في هذا البيت مجالاً ليس هذا موضعه.
وعلى القول بأن لها مصدراً لا يجوز التصريح به معها، لا تقول :« كان ويداً قائماً كوناً »، قالوا : لأن الخبر كالعوض من المصدر، ولا يجمع بين العوض والمُعَوَّض منه، وحينئذ فلا حَاجَةَ إلى ضمير عائد على « ما » ؛ لأنها حرف مصدري على الصحيح، خلافاً للأخفش وابن السَّراجِ في جعل المصدرية اسماً.
ويجوز أن تكون « ما » بمعنى « الذي »، وحينئذ فلا بُدّ من تقدير عائدٍ أي : بالذي كانوا يكذبونه، وجاز حَذْفُ العائد لاستكمال الشُّروط، وهو كونه منصوباً بفعل، وليس ثمَّ عائد آخر.


الصفحة التالية
Icon