والتَّفَيُّؤ : تَفعُّلٌ من فَاءَ يَفِيءُ، أي : رَجَعَ، و « فاء » : قاصر فإذا أريد تعديته عدِّي بالهمزة كقوله ﴿ مَّآ أَفَآءَ الله على رَسُولِهِ ﴾ [ الحشر : ٧ ] أو بالتضعيف نحو : فَيَّأ الله الظِّلَ فتَفيَّأ، وتَفيَّأ : مطاوع فَيَأ، فهو لازم، ووقع في شعر أبي تمَّامٍ متعدِّياً في قوله :[ الكامل ]
٣٣١٢-........................ | وتَفَيَّأتْ ظِلاَلَهَا مَمْدُودَا |
وقيل : ما كان قبل الزوال فهو ظلٌّ فقط، وما كان بعده فهو ظل وفيءٌ، فالظل أعم. يروى ذلك عن رؤبة بن العجَّاج، وأنكر بعضهم ذلك، وأنشد أبو [ زيد ] للنَّابغة الجعدي :[ الخفيف ]
٣٣١٣- فَسلامُ الإلهِ يَغْدُو عَليْهِمْ | وفُيُوءُ الفِرْدَوْسِ ذَاتِ الظِّلالِ |
وقيل : بل تختصُّ الظلُّ : بما قبل الزوال، والفيء : بما بعده.
قال الأزهري : تَفيُّؤ الظِّلال : رُجوعُهَا بعد انتِصَافِ النَّهارِ، فالتفيؤ : لا يكون إلا بالعشيِّ بعدما انصرفت عنه الشمس، والظل ما يكون بالغداةِ، وهو ما لم تنله الشمس؛ قال الشاعر :[ الطويل ]
٣٣١٤- فَلا الظِّلُّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعهُ | ولا الفَيءُ مِنْ بَرْدِ العَشيِّ تَذُوقُ |
٣٣١٥- تَيَمَّمتِ العَيْنَ الَّتي عِندَ ضَارجٍ | يَفِيءُ عليْهَا الظِّلُّ عَرْمَضُهَا طَامِ |
وتقول العربُ في جمع فَيء :« أفْيَاء » للقليل، و « فُيُؤٌ » للكثير؛ كالبيوت، والعيون، وقرأ أبو عمرو « تَتفَيَّؤُ » بالتاء من فوق مراعاة لتأنيث الجمع، وبها قرأ يعقوب، والباقون بالياء لأنه تأنيث مجازي.
وقرأ العامة :« ظِلاله » جمع ظلٍّ، وعيسى بن عمر « ظِلَلُه » جمع ظِلَة؛ ك « غُرْفَة، وغُرَف ».
قال صاحب اللَّوامح في قراءة عيسى « ظِلَلُه » : والظَّلَّة : الغَيْمُ : وهو جسم، وبالكسر : الفيء، وهو عرض فرأى عيسى : أنَّ التفيؤ الذي هو الرجوع بالأجسام أولى منه بالإعراض، وأما في العامة فعلى الاستعارةِ.
قال الواحدي :« ظِلالهُ » أضاف الظلال إلى مفرد، ومعناه الإضافة إلى ذوي الظلال، وإنما حسن هذا؛ لأنَّ الذي يرجع إليه الضمير، وإن كان واحداً في اللفظ، وهو قوله تعالى ﴿ إلى مَا خَلَقَ الله ﴾ إلاَّ أنه كثير في المعنى؛ كقوله تعالى ﴿ لِتَسْتَوُواْ على ظُهُورِهِ ﴾