قال شهابُ الدِّين :« الزمخشريُّ لم يجعل النَّصب لأجل العطفِ على محلِّه إنَّما جعله بوصول الفعل إليهما لاتِّحادِ الفاعل، كما صرح به فيما تقدَّم آنفاص، وإنما جعل العطف لأجل التشريك في العلَّة لا غير، يعني : أنهما علَّتان، كما أنَّ » لتُبيِّنَ « علة، ولئن سلمنا أنه نصب عطفاً على المحل، فلا يضر ذلك، وقوله :» لأنَّ محله ليس نصباً « ممنوع، وهذا ما لا خلاف فيه من أن محل الجار، والمجرور النصب؛ لأنه فضلة، إلا أن تقوم مقام مرفوع، ألا ترى إلى تخريجهم قوله :» وأرْجُلكُمْ « في قراءة النصب على العطف على محل » برءُوسِكمْ «، ويجيزون : مررت بزيد وعمرو على خلاف في ذلك بالنسبة إلى القياس، وعدمه لا في أصل المسالة، وهذا بحقُ حسنٌ ».

فصل


قال الكلبيُّ : وصف القرآن بكونه هدى، ورحمة لقوم يؤمنون، يدل على أنَّه ليس كذلك في حق الكلِّ، لقوله في أوَّل البقرة :﴿ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [ البقرة : ٢ ]، وإنَّما خص المؤمنين بالذ١كر؛ لأنهم هم المنتفعون به، كقوله :﴿ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ﴾ [ النازعات : ٤٥ ] ؛ لأنَّ المنتفع بالإنذار هؤلاء القوم فقط.


الصفحة التالية
Icon