و « عِندكَ » ظرفٌ ل « يَبْلغَنَّ » و « كِلا » مثناةٌ معنى من غير خلاف، وإنما اختلفوا في تثنيتها لفظاً : فمذهب البصريِّين : أنها مفردة لفظاً، ووزنها على فعل؛ ك « مِعَى » وألفها منقلبة عن واوٍ، بدليل قلبها تاء في « كِلْتَا » مؤنث « كِلا » هذا هو المشهور، وقيل : ألفها عن ياءٍ، وليس بشيءٍ، وقال الكوفيُّون : هي مثناة لفظاً؛ وتبعهم السهيليُّ مستدلِّين على ذلك بقوله :[ الرجز ]
٣٤٠١- في كِلْتِ رِجْليْهَا سُلامَى وَاحِده | ................. |
قال أبو الهيثن الرَّازيُّ وأبو الفتح الموصليُّ، وأبو عليٍّ الجرجانيُّ إن « كلا » اسم مفرد يفيد معنى التثنية، ووزنه فعل، ولامه معتلٌّ بمنزلة لام « حِجَى ورِضَى » وهي كلمة وضعت على هذه الخلقة يؤكد بها الاثنان خاصة، ولا تكون إلا مضافة؛ لأنَّها لو كانت تثنية، لوجب أن يقال في النَّصب والخفض :« مَرَرْتُ بِكلَي الرَّجليْنِ » بكسر الياء، كما يقال :« بَيْنَ يَدي الرَّجُل : و » مِنْ ثُلُثي اللَّيْلِ « و » يَا صَاحِبَي السِّجْنِ « و » طَرفي النَّهارِ «، ولما لم يكن كذلك، علمنا أنَّها ليست تثنية، بل هي لفظة مفردة، وضعت للدلالة على التثنية، كما أنَّ لفظة » كُل « اسمٌ واحدٌ موضوع للجماعة، فإذن أخبرت عن لفظه، كما تخبر عن الواحد؛ كقوله تعالى :﴿ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القيامة فَرْداً ﴾ [ مريم : ٩٥ ]، فكذا إن أخبرت عن » كِلاَ « أخبرت عن واحدٍ، فقلت : كلا أخويك كان قائماً.
قال الله تعالى :﴿ كِلْتَا الجنتين آتَتْ أُكُلَهَا ﴾ [ الكهف : ٣٣ ]. ولم يقل :» آتَنَا «.
وحكمها : أنَّها متى أضيفت إلى مضمرٍ أعربت إعراب المثنى، أو إلى ظاهر، أعْرِبت إعراب المقصور عند جمهور العرب، وبنو كنانة يعربونها إعراب المثنى مطلقاً، فيقولون : رأيت كِلَى أخوَيْكَ، وكونها جرتْ مجرى المثنى مع المضمر، دون الظاهر يطول ذكره.
ومن أحكامها : أنَّها لا تضافُ إلاَّ إلى مثنى لفظاً [ ومعنى نحو :» كلا الرَّجليْنِ « ]، أو معنى لا لفظاً؛ نحو :» كِلانَا « ولا تضاف إلى مفرَّقين بالعطف نحو » كِلا زَيْدٍ وعمرٍو « إلا في ضرورةٍ؛ كقوله :[ الطويل ]