٣٤٠٢- إنَّ للخَيْرِ وللشَّرِّ مَدًى وكِلاَ ذلِكَ وجْهُ وقَبَلْ
والأكثر مطابقتها فيفرد خبرها وضميرها؛ نحو : كلاهما قائم، وكلاهما ضربته، ويجوز في قليل : قائمان، وضربتهما؛ اعتباراً بمعناهما، وقد جمع الشاعر بينهما في قوله :[ البسيط ]
٣٤٠٤- كِلاهُمَأ حِينَ جَدَّ الجَرْيُ بَيْنهُمَا قَد أقْلعَا وكِلاَ أنْفَيهِمَا رَابِي
وقد يتعيَّن اعتبارُ اللفظ؛ نحو : كلانا كفيل صاحبه، وقد يتعيَّن اعتبارُ المعنى، ويستعمل تابعاً توكيداً، وقد لا يتبع، فيقع مبتدأ، ومفعولاً به، ومجرورواً، و « كِلْتَا » في جميع ما ذكر ك « كِلا » وتاؤها بدل عنواو، وألفها للتأنيث، ووزنها فعلى؛ كذكرى، وقال يونس : ألفها أصلٌ، وتاؤها مزيدة، ووزنها فعتلٌ، وقد ردَّ عليه الناس، والنسب إليها عند سيبويه :« كِلْوِي » كمذكرها، وعند يونس : كِلْتَوِيّ؛ لئلا تلتبس، ومعنى الآية أنَّهما يبلغان إلى حالة الضَّعف والعجز، فيصيران عندك في ىخر العمر، كما كنت عندهما في أوَّل العمر.
قوله تعالى :﴿ فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ ﴾ قوله : أفّ : اسم فعلٍ مضارعٍ بمعنى أتضجَّر، وهو قليلٌ؛ فإنَّ أكثر باب أسماء الأفعال أوامر، وأقل منه اسم الماضي، وأقلُّ منه اسم المضارع؛ ك « أف » وأوَّه، أي : أتوجَّع، وويْ، أي : أعجبُ، وكان من حقِّها أن تعرب؛ لوقوعها موقع معربٍ، وفيها لغاتٌ كثيرة، وصلها الرُّماني إلى تسع وثلاثين، وذكر ابنُ عطيَّة لفظة، بها تمَّت الأربعون، وهي اثنتان وعشرون مع الهمزة المضمومة : أفُّ، أفَّ، أفِّ، بالتشديد مع التنوين وعدمه، أفُ، أفَ، أفِ، بالتخفيف مع التنوين وعدمه، أُفْ بالسكون والتخفيف؛ أُفّْ بالسكون والتشديد، أفُّهْ، أُفَّهْ، أفِّهْ، أفَّا من غير إمالة، وبالإمالة المحضة، وبالإمالة بين بين، أفُّو أفِّ ] : بالواو والباء، وإحدى عشرة مع كسرِ الهمزة : إفَّ، إفِّ : بالتشديد مع التنوين وعدمه، أَفَ، إفِ بالتخفيف مع التنوين وعدمه، إفًّا بالإمالة، وست مع فتح الهمزة : أفَّ أفِّ؛ بالتشديد مع التنوين وعدمه، أفْ بالسكون، أفا بالألف، فهذه تسعٌ وثلاثون لغة، وتمام الأربعين « » أفاهُ « بهاء السكت، وفي استخراجها بغير هذا الضَّابط الذي ذكرته عسر ونصب، يحتاج في استخراجه من كتب اللغة، ومن كلام أهلها، إلى تتبُّعٍ كثيرٍ، وأبو حيان لم يزدْ على أن قال :» ونحنُ نسردها مضبوطة كما رأيناها «، فذكرها، والنُّسَّاخ خالفوه في ضبطه، فمن ثمَّ جاء فيه الخللُ، فعدلنا إلى هذا الضَّابط المذكور، ولله الحمد والمنة.
وقد قرئ من هذه اللغات بسبعٍ : ثلاثٍ في المتواتر، وأربعٍ في الشاذ، فقرأ نافع وحفص بالكسر والتنوين، وابن كثيرٍ، وابن عامرٍ بالفتح دون تنوين، والباقون بالكسر دون تنوين، ولا خلاف بينهم في تشديد الفاء، وقرأ نافع في رواية : أفٌ بالرفع والتنوين، وأبو السًّمال بالضمِّ من غير تنوين، وزيد بن عليِّ بالنصب والتنوين، وابن عبَّاسٍ :»
أفْ « بالسكون.
قال ابن الخطيب : والبحث المشكل ها هنا أنا لما نقلنا أنواعاً من اللغات في هذه اللفظة، فما السَّبب في أنَّهم تركوا أكثر تلك اللُّغاتِ في قراءةِ هذه اللفظة، واقتصروا على وجوه قليلة منها؟.


الصفحة التالية
Icon