وقيل : وكذلك قولهم : رجُلٌ مرطوبٌ : أي ذو رطوبةٍ، ولا يقال : رطبة، هو وصف على جهة المبالغة؛ كقولهم :« شعرٌ شاعرٌ » ورد هذا : بأنَّ ذلك إنَّما يكون في اسم الفاعل، ومن لفظ الأول.
وقال الأخفش وآخرون : المستورُ ها هنا بمعنى السَّاتر والمفعول قد يرد بمعنى الفاعل؛ كقولهم : مشئوم وميمون بمعنى : شائم ويامن، وهذا كما جاء اسم الفاعل بمعنى مفعول كماءٍ دافقٍ.
القول الثاني : أنَّ الحجاب هو الطَّبع الذي على قلوبهم والطبع المنع الذي منعهم عن أن يدركوا لطائف القرآن ومحاسنه وفوائده، فالمراد من الحجاب المستورِ ذلك الطبع الذي خلقه في قلوبهم.
ثم قال تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وفي آذَانِهِمْ وَقْراً ﴾ وهذه الآية مذكورة بعيناه في سورة الأنعام.
قوله :« وحدهُ » فيه وجهان :
أحدهما : أنه منصوب على الحال، وإن كان معرفة لفظاً، لأنه في قوة النكرة غذ هو ف يمعنى منفرداً، وهل هو مصدر، أو اسم موضوع موضع المصدر الموضوع موضع الحال، فوحده وضِعَ مَوْضِعَ إيحَادٍ، وإيحادٌ وضعَ مَوْضِعَ موحدٍ. وهو مذهب سيبويه، أو هو مصدر على حذف الزوائد، إذ يقال : أوْحدهُ يُوحِدهُ إيحَاداً، أو هو مصدر بنفسه ل « وَحَد » ثُلاثِياً «.
قال الزمخشري :»
وحَدَ يَحِدُ وحْداً وحِدَة، نحو : وعَدَ يَعِدُ وعْداً وعِدَة، و « وحْدَهُ » من باب « رَجَعَ عودهُ على بَدْئهِ »، و « افعله جهدك وطاقتك » في أنه مصدر سادٌّ مسدَّ الحال، أصله : يَحِدُ وحْدَهُ، بمعنى واحِداً «. قلت : وقد عرفت أنَّ هذا ليس مذهب سيبويه.
والثاني : أنه منصوب على الظرف وهو قول يونس، واعلم أن هذه الحال بخصوصها، أعني لفظة »
وحْدهُ «، إذا وقعت بعد فاعل ومفعول، نحو :» ضَربَ زيدٌ عمراً وحْدَهُ «، فمذهب سيبويه أنه حال من الفاعل، أي : موحداً له بالضرب، ومذهب المبرد أنه يجوز أن يكون حالاً من المفعول. قال أبو حيان :» فعلى مذهب سيبويه يكون التقدير : وإذا ذكرت ربك موحداً لله تعالى.
قال المفسرون : معناه : إذا قلت : لا إله إلا الله في القرآن وأنت تتلوه. وعلى مذهب المبرد يجوز أن يكون التقدير : موحداً بالذكر «.
ثم قال :»
ولَّوا على أدبارهم نفوراً « وفي » نفوراً « وجهان :
أحدهما : أنه مصدر على غير المصدر، لأن التولّي والنفور بمعنى.


الصفحة التالية
Icon