« نَهَى النبيُّ ﷺ عَنْ بَيْعِ الحبِّ حتَّى يَشْتد ».
قال ابن عبد البرِّ :« الإبارُ عند أهل العلم في النخل : التَّلقيحُ، وهو أن يأخذ شيئاً من طَلع ذكور النخلِ؛ فيدخله بين ظهراني طلع الإناث، [ ومعنى ] ذلك في سائر الثمار [ ظهور الثمرة ] من التِّين، وغيره، حتَّى تكون الثَّمرة مرئية، حين ينظر إليها، والمعتبر عند مالك رضي الله عنه وأصحابه فيما يذكر من الثِّمار التذكر، وفيما لا يذكر أن يثبت من نواره ما يثبت ويسقط ما يسقط، وفي الزروع ظهوره من الأرض ».
فصل
قال عليه الصلاة ولاسلام « مِنَ ابتَاعَ نَخْلاً بَعْندَ أن تُؤبَّر، فَثمَرتُهَا لِلبَائعِ، إلاَّ أن يَشْترِطَ المُبتَاعُ » فلا يدخل الثمر المؤبَّر مع الأصولِ ف يالبيع إلا بالشرط؛ لأنها موجودة يحاطُ بها أَمَنَةً من السقوط غالباً، بخلاف التي لم تؤبَّر، إذ ليس سقوطها غالباً، بخلاف التي لم تؤبر، إذ ليس سقوطها مأموناً، فلم يتحقق لها وجود، فلم يجز للبائع اشتراطها، ولا استثناؤها؛ لِأنها كالجنين.
فصل هل يجوز لمن اشترى النخل فقط أن يشتري الثمر قبل طيبه؟
اشترى النَّخل، وبقي الثمر للبائع، جاز لمشتري الأصل شراءُ الثمرة قبل طيبها، في المشهور عن مالكٍ رحمه الله ويرى لها حكم التعبيةِ، وإن انفردت بالعقدِ، وعنه في رواية أنه لا يجوز، وبه قال الشافعيُّ، وأبو حنيفة، والثَّوريُّ، وأهل الظاهر.
فصل في النهي عن بيع الملاقح والمضامين
نهي النبي ﷺ عن بَيعِ المَلاقحِ والمَضامِنيِ والمَلاقِحُ : الفحول من الإبلن، الواحد مقلحٌ، والمَلاقِحُ ما في بطون النوقِ من الأجنَّة، الواحدة : مَلْقُوحةٌ، من قولهم : لَقحْتُ، كالمَحْمُومِ من حَمّ، والمَجْنُون من جنّ، وفي هذا جاء النَّهيُ.
قال أبو عبدية : المَضامِينُ ما في البطونِ وهي الأجنَّةِ، والمَلاقِيحُ : ما في أصلابِ الفحُولِ، وهو قول سعيد بن المُسيَّبِ، وغيره.
وقيل : بالعكسِ.
ونهى النبي ﷺ عن بيع [ المَجْر ] وهو بيع ما في بطُونِ الأمَّهاتِ.
قال ابن عابس رضي الله عنهما ما هَبَّتْ ريح قَطُّ إلاَّ جَثَا النبيُّ ﷺ عَلى رُكْبتَيْهِ، وقال :« اللَّهُمَّ اجْعلهَا رحْمةتً، ولا تَجْعلهَا عَذاباً، اللَّهُمَّ اجْعَلهَا رِيَاحاً ولا تَجْعلهَا رِيحاً » قال ابن عباس رضي الله عنهما في كتاب الله تعالى :﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً ﴾ [ القمر : ١٩ ]، ﴿ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الريح العقيم ﴾ [ الذاريات : ٤١ ] وقال تعالى :﴿ وَأَرْسَلْنَا الرياح لَوَاقِحَ ﴾ [ الحجر : ٢٢ ] وقال تعالى :﴿ يُرْسِلَ الرياح مُبَشِّرَاتٍ ﴾ [ الروم : ٤٦ ].
قوله تعالى :﴿ فَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ ﴾، قد تقدّم أنَّ الماء : هل ننزل من السماء أو من السحاب.