قال : والثاني : أنه « فَعْلٌ » بمعنى « مَفْعُولٍ » ؛ ك « الطحْن » بمعنى « مَطْحُون » ؛ فصار في السكون ثلاثة أوجهٍ.
وأصل الكسفِ : القطع، يقال : كسَفْتُ الثَّوبَ قطعته؛ وفي الحديث في قصَّة سليمان مع الصَّافناتِ الجياد : أنه « كَسَفَ عَراقِيبهَا »، أي : قطعها.
فصل في معنى الكسف
قال اللَّيثُ : الكسف : قطع العرقوب، قال الفرَّاء : وسمعتُ أعرابيًّا يقول لبزَّاز : أعطني كسفةً، وقال الزجاج :« كَسفَ الشيء بمعنى غَطَّاهُ »، قيل : ولا يعرفُ هذا لغيره.
وانتصابه على الحال في القراءتين فإن جعلناه جمعاً، كان على حذفِ مضاف، أي : ذات كسفٍ، وإن جعلناه « فِعْلاً » بمعنى « مَفعُول » لم يحتج إلى تقدير، وحينئذ : فإن قيل لِمَ لمْ يُؤنَّث؟ فالجواب : لأنَّ تأنيثه أعني : السَّماء غير حقيقيٍّ، أو بأنها في معنى السَّقف.
قوله :« كَمَا زعَمْتَ » : نعت لمصدر محذوف، أي : إسقاطاً مثل مزعومك؛ كذا قدَّره أبو البقاء.
فصل في المراد بالآية
قال عكرمة :﴿ كَمَا زَعَمْتَ ﴾، يا محمد : أنَّك نبيٌّ، « فأسْقِط » السماء علينا كسفاً.
وقيل : كما زعمت أن ربَّك إن شاء فعل، وقيل : المراد قوله :﴿ أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ البر أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ﴾ [ الإسراء : ٦٨ ].
فقيل : اجعل السَّماء قطعاً متفرقة؛ كالحاصب، وأسقطها علينا.
قوله :﴿ أَوْ تَأْتِيَ بالله والملاائكة قَبِيلاً ﴾.
القَبِيلُ : بمعنى : المقابل؛ كالعشير، بمعنى : المُعاشِر.
وقال ابن عباس : فوجاً بعد فوجٍ. وقال الليث : كلُّ جندٍ من الجنِّ والإنسِ قبيلٌ، وقيل : كفيلاً، أي ضامناً.
قال الزجاج : يقال : قبلتُ به أقبل؛ كما يقال : كفلت به أكفل، وعلى هذا : فهو واحدٌ أريد به الجمعُ؛ كقوله :﴿ وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً ﴾ [ النساء : ٦٩ ]، وقال أبو عليِّ : معناه المعاينة؛ كقوله تعالى :﴿ لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا الملائكة أَوْ نرى رَبَّنَا ﴾ [ الفرقان : ٢١ ].
قوله :« قَبِيلاً » [ حالٌ من « الله، والمَلائِكَةِ » أو من أحدهما، والآخر محذوفة حاله، أي : بالله قبيلاً، والملائكة قبيلاً؛ ] كقوله :[ الطويل ]
٣٤٦٥-............. كُنْتُ مِنهُ ووالِدي | بَرِيئاً............... |
٣٤٦٦-........................ | فَإنِّي وقيَّارٌ بِهَا لغَرِيبُ |
وقرأ الأعرج « قِبَلاً » من المقابلة.
قوله ﴿ ترقى ﴾ : فعل مضارع [ منصوبٌ ] تقديراً؛ لأنه معطوفٌ على « تَفْجُرَ »، أي : أو حتَّى ترْقَى في السَّماء، [ أي :] في معارجها، والرقيُّ : الصعود، يقال : رَقِيَ، ببالكسر، يرقى، بالفتح، رقيًّا على فعولٍ، والأصل :« رُقُوي » فأدغم بعد قلب الواو ياء، ورقياً بزنة ضربٍ، قال الراجز :[ الرجز ]
٣٤٦٧- أنْتَ الَّذي كَلَّفتَنِي رقْيَ الدَّرجْ | عَلى الكَلالِ والمَشِيبِ والعَرجَ |