وقرأ الحسن والثقفي بكسر لامي الأمر، في قوله :« فليُؤمِنْ » و « فَليَكْفُرْ » وهو الأصل.
قوله :﴿ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن ﴾ يجوز في « مَنْ » أن تكون شرطية، وهو الظاهر، وأن تكون موصولة، والفاء لشبهه بالشرط، وفاعل « شَاءَ » : الظاهر أنه ضمير يعود على « مَنْ » وقيل : ضمير يعود على الله، وبه فسَّر ابن عباس، والجمهور على خلافه.
قوله :﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً ﴾ أعددنا وهيَّأنا، من العتاد، ومن العدَّة ﴿ لِلظَّالِمِينَ ﴾ للكافرين، أي : لمن ظلم نفسه، ووضع العبادة في غير موضعها.
واعلم أنَّه تعالى، لمَّا وصف الكفر والإيمان، والباطل والحق، أتبعه بذكر الوعيد على الكفر، وبذكر الوعد على الإيمان، و العمل الصَّالح.
قوله :﴿ أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ﴾ في محل نصبٍ، صفة ل « ناراً » والسُّرادِقُ : قيل : ما أحاط بشيءٍ، كالمضرب والخباءِ، وقيل للحائط المشتمل على شيء : سُرادق، قاله الهوريّ، وقيل : هو الحجرة تكون حول الفسطاطِ، وقيل : هو ما يمدُّ على صحنِ الدار، وقيل : كل بيتٍ من كرسفٍ، فهو سرادق، قال رؤبة :[ الرجز - السريع ]

٣٥١٢- يَا حكمُ بْنَ المُنذِرِ بْنِ الجَارُودْ سُرَادِقُ المَجْدِ عَليْكَ مَمدُودْ
ويقال : بيت مسردقٌ، قال الشاعر :[ الطويل ]
٣٥١٣- هو المُدخِلُ النُّعْمانَ بيْتاً سَماؤهُ صُدورُ الفُيولِ بعد بيتِ مُسرْدَقِ
وكان أبرويز ملك الفرس قد قتل النعمان بن المنذر تحت أرجُلِ الفيلةِ، والفيول : جمع فيلٍ، وقيل : السُّرادقُ : الدِّهليزُ، قال الفرزدق :[ الطويل ]
٣٥١٤- تَمنَّيْتهُمْ حتَّى إذا مَا لَقِيتَهُم تَركْتَ لَهُم قَبْلَ الضِّرابِ السُّرادِقَا
والسُّرادِقُ : فارسي معرب، أصله : سرادة، قاله الجواليقيُّ، وقال الراغب :« السُّرادِقُ فارسيٌّ معربٌ، وليس في كلامهم اسم مفرد، ثالث حروفه ألفٌ بعدها حرفان ».

فصل


أثبت تعالى للنَّار شيئاً شبيهاً بالسرادقِ تحيط بهم من سائرِ الجهاتِ، والمراد : أنهم لا مخلص لهم فيها، ولا فُرجة، بل هي محيطة بهم من كلِّ الجوانب.
وقيل : المراد بهذا السُّرادق الدخان الذي وصفه الله تعالى في قوله :﴿ انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَب ﴾ [ المرسلات : ٣٠ ].
وقالوا : هذه الإحاطة بهم إنَّما تكون قبل دخولهم، فيحيط بهم هذا الدخان كالسرادق حول الفسطاط.
وروى أبو سعيد الخدريُّ عن النبي ﷺ قال :« سُرادِقُ النَّارِ أربعةُ جُدُرٍ، كِثفُ كلِّ جدارٍ مَسِيرةُ أرْبعِينَ سنةً ».
وقال ابن عبَّاس : السُّرادِقُ حائط.
قوله :﴿ وَإِن يَسْتَغِيثُواْ ﴾، أي : يطلبوا الغوث، والياء عن واوٍ؛ إذ الأصل : يستغوثوا، فقلبت الواو ياء كما تقدم في قوله :


الصفحة التالية
Icon